يشعر بعض من
أسرتهم الشهوات أن الذين سلكوا طريق العفة يعيشون المعاناة مع النفس،
والحرمان من اللذائذ، ويجهل هؤلاء أن للعفة ثمرات عاجلة وآجلة، ثمرات
يجنيها المرء في الدنيا، وثمرات يجنيها في الآخرة، ومن هذه الثمرات:
1- الفلاح وثناء الله تعالى:
يفرح الناس بثناء البشر والمخلوقين
ويعتزون بذلك، فالطالب يفرح بثاء معلمه عليه أمام زملائه، والطالبة تسعد
بثناء معلمتها، وحين يكون الثناء والتزكية ممن له شهرة بين الناس تعلو قيمة
الثناء، فكيف إذا كان الثناء من خالق البشر جميعا، وخالق السماوات والأرض
بمن فيهن؟ قال تعالى } قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ.
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ
حَافِظُونَ.إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ {(المؤمنون:1-7).
إنه ثناء لا
يعدله ثناء، شهادة من الله تبارك وتعالى لهؤلاء بالإيمان، وإخبار عن فلاح
هؤلاء الذين من صفاتهم حفظ الفرج والتجافي عن الفواحش، فهل يستبدل عاقل
بذلك شهوة عاجلة ولذة فانية؟
2- الجنة والنعيم المقيم:
وعد الله تبارك وتعالى أهل العفة والحافظين فروجهم بالجنة والخلود
فيها}أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ (المؤمنون:10-11).
ويخبر e - وهو الذي
لا ينطق عن الهوى- عن وعد صادق، فيقول: "من يضمن لي مابين لحييه وما بين
رجليه أضمن له الجنة"( رواه البخاري (6474) و الترمذي (2408 ) .
فحين تعف نفسك عن الحرام وتحفظ جوارحك ينطبق عليك وعد الله تبارك وتعالى،
ووعد المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى باستحقاق الجنة وضمانها . فهل لديك
مطلب أغلى من الجنة ؟
اسأل العالم الذي يقضي وقته في العلم
والتعليم، اسأل العابد الذي ينصب في عبادة ربه، اسأل المجاهد الذي يرخص
نفسه في سبيل الله، اسأل الذي يضحي بنفسه لإحقاق الحق وإبطال الباطل، اسأل
الداعية الذي يواصل سهر الليل بكدّ النهار ويقيمه همّ الدعوة ويقعده، اسأل
هؤلاء جميعا لم يصنعون ذلك؟ سيجيبونك بإجابة واحدة( نريد الجنة ) إنها مطلب
السائرين إلى الله عز وجل مهما تنوعت بهم السبل.
فبادر أخي
الكريم وبادري أختي الكريمة بضمان جوارحكم عن الحرام لتستحقوا هذا الوعد
النبوي الصادق.
3- الطمأنينة وراحة البال:
يعاني من
يسير وراء شهوته المحرمة عذاباً وجحيماً لا يطاق، أما من يعف نفسه فيعيش
طمأنينة وراحة بال، إن الهم الذي يشغله ليس الهم الذي يشغل سائر الناس،
والتفكير الذي يسيطر عليه ليس التفكير الذي يسيطر على سائر الناس، ولا عجب
في ذلك، فالله تبارك وتعالى هو الذي خلق الإنسان وهو أعلم به، وخلقه
لعبادته وطاعته، ومن ثم فلن يعيش الحياة السوية المستقرة مالم يستقم على
طاعة الله تبارك وتعالى، فالسيارة التي صنعت لتسير في الطرق المعبدة يصعب
أن تسير في غيرها، والقطار الذي صنع ليسير على القضبان حين ينحرف عن مساره
لا يستطيع المسير. وهكذا الإنسان فهو إنما خلق لعبادة الله وطاعته، فإذا
انحرف عن هذا الطريق اضطربت حياته، وعانى من المشكلات، ولذا فأهل الكفر
والإلحاد أقل الناس استقرارا وطمأنينة، وكلما اقترب العبد من الإيمان
والطاعة ازداد استقرارا وطمأنينة.
4- لذة الانتصار على النفس:
لئن كان اللاهون العابثون يجدون لذة ممارسة الحرام، فالشاب العفيف
والفتاة العفيفة يجدان من لذة الانتصار على النفس أعظم مما يجده أصحاب
الشهوات، إن الرجولة والإنسانية الحقة أن يقدر المرء أن يقول لنفسه لا حين
يحتاج إلى ذلك، وأن تكون شهواته مقودة لا قائدة، أما الذي تحركه شهوته
وتستعبده فهو أقرب ما يكون إلى الحيوان البهيم الذي لا يحول بينه وبين
إتيان الشهوة سوى الرغبة فيها.
كيف تواجه الشهوة
الشيخ : محمد بن عبدالله الدويش