ثمة أخطاء ومحاذير تقع للشاب والفتاة في التعامل مع مشكلة الشهوة، ومنها:
1- الاستجابة للضغوط:
يمارس بعض أصدقاء الماضي ضغطا على من يهمّ بالتوبة من الشباب أو الفتيات؛ فهم يملكون رصيدا من أخبار صاحبهم أو صاحبتهم، وربما يملكون صورا أو وثائق تدينه بالسوء، فيستخدمون هذه الوسائل ورقة للضغط عليه وصده عن طريق التوبة.
إنهم يسخرون منه مذكرين إياه بالماضي السيء ، أو يهددونه بكشف أوراقه وإفشاء أخباره أمام الآخرين.
إن النجاة من ذلك تبدأ باجتناب الرفقة السيئة ومجافاة طريق الرذيلة، لكن حين يلم المرء بشيء من ذلك فلا ينبغي أن يعوقه ويصرفه عن التوبة والسير في طريق العفة.
إن تنفيذ ما يهدد به هؤلاء الفجرة نادرا ما يحدث؛ ففضيحتهم لهؤلاء فضيحة لأنفسهم، وما يقولونه يصعب إثباته، وهم إنما يسلكون ذلك مساومة واستثمارا لنقطة الضعف ليس إلا ، وأعرف طائفة من الشباب والفتيات أنقذهم الله تبارك وتعالى من الرذيلة ولم يستجيبوا لتلك الضغوط، وكان الأمر بردا وسلاماً.
وهب أن الأمر تحول إلى جد، فالشاب والفتاة أمام خيارين:
الأول: أن يتخذ قراره بالتوبة وسلوك طريق العفة، ويتحمل ما يصيبه؛ فمن يقع في الرذيلة ثم يقلع عنها خير عند الله وعند الناس ممن يستمريء الفساد ويتجرع مزيدا من كؤوس الرذيلة. إنها برهة من الوقت سرعان ما يتجاوزها إلى طريق السعادة والاطمئنان، وينسى الناس عنه كل شيء ولا يعرفون عنه إلا الطهارة والنزاهة، بل إن ما يصيبه في طريق التوبة إنما هو من الابتلاء ورفعة الدرجات بإذن الله تعالى.
الثاني: أن يرضخ للضغوط، ويستمر في طريق الرذيلة؛ فيجني خزي الدنيا، وإن فاتته الفضيحة في هذه الدار فهي مرصدة له يوم القيامة يوم لا تخفى خافية.
ومما يعين على تجاوز هذه العقبة أمران:
الأول: اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وسؤاله الإعانة والتوفيق؛ فهو رحيم بعباده، قريب منهم، يسمع سرهم ونجواهم، فإن علم من عبده الصدق أعانه ويسر له كل عسير.
الثاني: أن يستعين بمن يثق به، فيفتح الشاب مشكلته لأستاذه أو والده، وتفتح الفتاة مشكلتها لمعلمتها أو والدتها. مع الحذر من استشارة غير الناصح والأمين. وسيجد بإذن الله عند هؤلاء حلاَّ لما كان يعتقد أنه مستحيل، ومخرجا لما يعاني منه مشكلة.
2- التحديث بما كنت تمارس:
تساهل بعض الشباب والفتيات بتحديث أصحابهم عن بعض ما مارسوه وعملوه، وهذا فيه مخالفة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائل :"كل أمتي معافى إلا المجاهرين و إن من الجهار أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح و قد ستره الله تعالى فيقول : عملت البارحة كذا و كذا و قد بات يستره ربه و يصبح يكشف ستر الله عنه " (رواه البخاري (6069) ومسلم (2990)).
وعلاوة على ما في هذا المسلك من مخالفة، فهو يولد نتائج، منها:
تهوين المعصية لدى الشخص، ولدى من حدثه عنها، ومنها أنها قد تجريء الطرفين فيما بعد على الوقوع فيها، ومنها أنها تفتح الباب لحديث أوسع في مثل هذه الرذائل وتزيل حاجز الحياء.
فليستتر الشاب والفتاة، فهذا مما يعينه على التوبة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال:"اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله، و ليتب إلى الله؛ فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله"( رواه الحاكم والبيهقي).
التهاون بالمعصية:
ومع أهمية الحذر من اليأس من التوبة، وضرورة البعد عن فقد الأمل في التغيير، فلا بد من الحذر من أن يؤدي ذلك إلى الاستهانة بشأن المعصية فالاعتدال مطلوب، فالشعور بعظمة الذنب، وإدراك حقيقته له أثره البالغ في تقوية الدافع نحو التوبة، وله أثره في دفع المرء إلى الاجتهاد في الأعمال الصالحة بعد التوبة علّها أن تكفر عنه ما اقترف من سيئات.
3- التخلي عن الصالحين:
حين يكون الشاب أو الفتاة مصاحبا للصالحين ومجالسا لهم ، وتهوي به نفسه في خطيئة من الخطايا ، يسمع صوتا يهزه في داخله قائلا له : كيف تصاحب الصالحين الأطهار الأخيار وأنت على هذه الحال؟ إنك منافق ، غير جاد… إلخ ، حينها قد يقوده الشيطان إلى أن يفارق الصالحين.
إن مقارفة الرذيلة ممقوت بلا شك ، ومن يجالس الصالحين الأخيار فهو أولى الناس باجتنابها ومفارقتها ، ولكن : هل مفارقته للصالحين ستزيده قربا من الرذيلة أم بعدا عنها ؟ وحين يفارقهم فهل سيزداد إيمانه أم ينقص ؟ بل هل سيبقى ذاك الصوت الذي يلومه من داخله ويدفعه نحو التوبة أم لا ؟
إن الشرع القويم ، يدعو إلى خلاف ذلك ، فالمقصر المذنب حين يصاحب الصالحين يحشره الله معهم يوم القيامة ؛ فحين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يحب القوم ولما يلحق بهم قال : " المرء مع من أحب " ، وهذا ليس دعوة إلى الاتكاء على هذا الحب وإهمال حظ النفس من صالح العمل ؛ فالحب الصادق يدفع المرء إلى التأسي بمن يحب ، والسير في طريقة.
والمنطق السليم يقول لصاحبه بقاؤك مصاحبا للصالحين حتى لو وقعت في التقصير خير من مفارقتك إياهم ، وحين تفارقهم فلن يؤدي بك ذلك إلى التوبة والإقلاع ، بل سيؤدي بك إلى استمراء السوء ، وإلى مزيد من الارتكاس حمانا الله وإياك.
منقول