YaS.NaD عضو جديد
آخر مواضيع المنتدى : السلام عليكم
عًٍدًٍدًٍ مًسٌِِّآهٍَمًآتُِِّْے : 20
| موضوع: افتخر... ثم انتحر ـ الثلاثاء فبراير 01, 2011 10:42 pm | |
| . ...في رحلة الذهاب إلى الدوام اليومية.. يتعين علي في كل صباح الانتظار طويلا لحين وصول حافلة الركاب التي تقلني من مكان سكني إلى مكان عملي , وكنت استغل هذا الوقت في مشاهدة بعض المبيعات التي يعرضها كثير من الباعة على أرصفة الطريق لا لقصد الشراء بل لقصد تضييع الوقت . ... وذات صباح وعندما كنت أتفحص بعض المعروضات للكتب الرخيصة , سمعت صوتا يناديني من الخلف " نظف حذاءك يا أستاذ فقط بربع دينار " .. التفت إلى مصدر الصوت فإذا بي أرى رجل في العقد الرابع من عمره يجلس على كرسي خشبي والى إمامه طاولة خشبية صغيرة تنتشر عليها أدوات تنظيف الأحذية, فألقيت نظرة على حذائي فإذا بي أرى انه قد علق به بعض الأتربة والغبار فراقت لي فكرة تنظيف الحذاء... فاقتربت منه ووضعت قدمي على طاولة صغيرة مخصصة لهذه الغاية , فأمسك الرجل بفرشاة الدهان وقال... " يا أستاذ قيمة الرجل تبدأ من حذاءه".. ثم بدأ تنظيف الحذاء ,.. وما لفت انتباهي أن هذا الرجل كان يمتشق خنجرا طويلا يتجاوز طوله 40 سم , وكان هذا الخنجر المعلق بزنار الرجل يتحرك حركة عكسية مع حركة يده أثناء تنظيف الحذاء..., فانتابني شيئا من الفضول فقلت له ...يا ا خي نحن والحمد لله نعيش في دولة يسودها الأمن والنظام فما الحاجة إلى امتشاقك لهذا الخنجر الذي أرى انه يحد من حركة عملك... , فنظر إلي نظرة غريبة وقال لي.. هل تعرف من انا ؟ فقلت له : لا فقال : أنا حفيد (فلان بن علان).... الاتعرف من هو (فلان بن علان)؟ فقلت له : لا.... فبدت على وجهه علامات الغضب والتجهم.. لكنني تداركت الموقف وقلت .. اقصد ربما أكون قد سمعت به... فبدت على وجهه علامات الارتياح. وقال : هذا الخنجر الذي تراه قد ورثته من جدي (فلان ابن علان) , ثم بدأ يروي لي عن بطولات جده العظيم _ على حد تعبيره_ وعن أملاك جده سابقآ التي لاتحصى . ثم توقف عن الكلام وقال " هات قدمك الثانية".... وبدأ بتنظيف الفردة الثانية من الحذاء , ثم واصل حديثه عن جده وعن بطولاته بالمعارك حيث يجندل الفرسان الواحد تلو الاخر بلمح البصر, ثم ذكر لي بعض مغامرات جده العاطفية مع النساء, وقد اخبرني ان جده هذا.. قد ورث الشجاعة من أجداده السابقين الذين ينتمون الى احد القبائل العربية القديمة المشهورة بسطوتها بين القبائل. ثم قال بصوت ملؤه الاعتزاز " انا مصدر افتخاري في هذه الحياة هو انني انتمي للقبيلة الفلانية... انا فلاني .... وافتخررررررر. ثم ضرب بيده على حذائي وقال نعيمآ ..(هيك امورك تمام) فدسست يدي في جيبي واستخرجت قطعة نقدية ذات الربع دينار فأخذها وألقاها في علبة حلاوة بلاستيكية إلى جانب مجموعة من القطع النقدية الأخرى . ثم ركبت في الحافلة وفي الطريق بدأت أفكر في كلام الرجل فوجدت انه مثال حقيقي للمواطن العربي العاجز الذي يتستر على عجز حاضره بأمجاد ماضي أجداده, فنحن العرب في ظل انهزامنا وانكسارنا الحالي نعزي أنفسنا بانتصارات الأجداد من أمثال صلاح الدين وخالد بن الوليد... وفي ظل تخلفنا وجهلنا العلمي نعزي أنفسنا بانجازات أجدادنا العرب العلمية من أمثال ابن خلدون وابن سينا وابن البيطار . وأما مصادر فخرنا الحالية في مستمده من الجاهلية الأولى وهي نزعة عنصرية فارغة وجوفاء فهذا هو قيصر خالد يقف ليتفاخر بين اترابه العرب ويقول " أردني ... وافتخر" وهذا اخر يقول " سعودي .. وافتخر" وثالث يقول " مصري ... وافتخر" وربما أبناء القطر الواحد يفاخرون فيما بينهم فيقول الأول " جنوبي .. وافتخر " والأخر يقول " شمالي ... وأفتخر" وثالث يقول ابن قبيلة كذا ... وافتخر "
ورحم الله الشاعر حين قال ليس الفتى من قال كان ابي.... ان الفتى من قال ها انا ذا | |
|