محمد النجار - عمان - قال المعارض الأردني البارز ليث شبيلات إنه لا إصلاح
في الأردن "ما لم يبدأ الملك بنفسه"، داعيا الملك عبد الله الثاني إلى
إعادة تصحيح العلاقة مع الشعب "كطريق أسلم" لتجاوز قمة الأزمات التي قال إن
الأردن يواجهها اليوم.
واتهم شبيلات في كلمة مطولة ألقاها في مهرجان حاشد بحي الطفايلة وسط
العاصمة عمان انتهى في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، الملك عبد الله برعاية
ملفات فساد، وأضاف "لم يعد خافيا أن الكثير من ملفات الفساد لم تكن لتحدث
لولا الرعاية الملكية، ولولا تلك الرعاية لعلقت مشانق للفاسدين" الذين قال
إن محاسبة البعض منهم تمت "بدلال كبير".
وقال إن كل إصلاحي يبدأ مطالباته بغير ذلك "إنما هو أداة من أدوات إعادة إنتاج الظلم".
وأعاد شبيلات فتح قضية أراضي الخزينة التي سجلتها حكومة علي أبو
الراغب باسم الملك، واعتبر أنها قضية فساد تعطي الضوء الأخضر لكبار
الموظفين وصغارهم للفساد.
كما اتهم المعارض الأردني الديوان الملكي بوجود فساد فيه، وزاد "لا معنى
لأي إصلاح لا يبدأ بالديوان الملكي لإعادته إلى شرف هاشميته وتطهيره من
الفساد واختلاط الإمارة بالتجارة"، واعتبر أن نحو ثلاثة آلاف موظف بالديوان
الملكي يعتدون على الدستور بممارسة صلاحيات تنفيذية منحها الدستور للوزراء
حصرا.
وطالب بكف يد جهاز المخابرات "عن التدخل في السياسة والسياسيين، فلا حياة
سياسية في ظل التغول الأمني بل وتكاثر أشباه سياسيين يحركهم ضابط أمني
صغير".
جدل الهوية
واعتبر شبيلات أنه "إذا راجع الملك نفسه -وهو الطريق الأسلم والأسرع- وقرر
تغيير نهجه من تلقاء نفسه قبل أن يفرض تغييرها الشعب، قطعنا بيسر وسهولة
قمة الأزمات التي نعيشها".
وقال إن الأردن قام على توافق بين الأردنيين وأشراف الحجاز على أن يعطى
الهاشميون الإمارة مقابل أن يكون الحكم للشعب، وهو ما ظهر في دستور 1952
الذي نص على أن نظام الأردن "نيابي ملكي وراثي".
وشرح شبيلات "النيابة -أي الشعب- تتقدم على الملكية، ولا نقصد من هذا
الكلام أن نقلل من احترام الملكية، لكن نقصد أن نثبت مقام الشعب الذي لا
يحتاج إلى أن يتذلل ويسجد ويمدح حتى يثبت ولاءه".
وأضاف أن "النظام قائم على ركنين: أحدهما الشعب والثاني هو الملك، وليس
الاعتداء على الملك فقط خيانة عظمى، مع أننا نقر بذلك، وأي ملك صالح عندنا
نفديه بأرواحنا، ونقر أن من الخيانة الاعتداء عليه، إلا أن الاعتداء الأكبر
هو الاعتداء على الشعب".
واعتبر أن الشعب تعرض "لاعتداء شرس" في العقود الماضية عندما "بدأ الركن
الثاني بالتلاعب بالركن الأول، فعمل فيه تقزيما وإذلالا وسقوطا، وأصبح
متعلقا برغبة الركن الثاني الذي تضخم فأصبح عندنا نظاما عجيبا ملكيا
رئاسيا".
وعن الجدل المرافق لقضية الهوية الأردنية والوطن البديل، قال شبيلات إن "أي
بحث في هوية منطلقة من كذبة أن ما تبقى من الأردن المنقوص -أي الضفة
الشرقية- قد أنهى صراعه مع المشروع الصهيوني، وأن حدوده الغربية غير مهددة،
وأن الأردن الجديد ليس له عدو يحشد قواه العسكرية والاجتماعية في مواجهته،
مهما صدق فلن يفضي إلا إلى نقل العداء الخارجي إلى عداء داخلي مفتعل".
وزاد "كل رافع لشعار لا للوطن البديل لكنه معترف بوادي عربة وغير قارن
للشعار بشعار العسكرة من أجل العودة، ليس إلا جزءا من العدوان، بل هو رأس
حربة العدوان على مستقبل الأردن من حيث يدري أو لا يدري".
وقال أيضا إن "الحكومة التي تدافع عن المعاهدة دفاعا مستميتا كاذبة في
تصريحاتها الرافضة للوطن البديل، وليست إلا حارسا للمشروع الصهيوني وقامعا
للمشروع القومي العربي".
الخطر الأكبر
وشدد المعارض الأردني على أن "الخطر الأكبر على الأردن هو الذي يرى الخطر
في المواطن العربي المطرود ولا يرى خطرا في المشروع الصهيوني الطارد".
وكان القيادي في حراك "عشائر أبناء حي الطفايلة" محمد الحراسيس قد اتهم
الحكومات المتعاقبة بأنها زادت المواطن الأردني فقرا وتهميشا، مشيرا إلى أن
الحراك الشعبي مستمر في وجه الظلم حتى تتحقق مطالب الشعب.
وطالب الحراسيس "بطانة السوء التي تلتف حول صاحب القرار" بالكف عن "النفاق
وتزوير الحقائق"، وتساءل "ألم تسمعوا؟ ألم تشاهدوا الشعوب ماذا عملت؟ أليس
المطلوب منكم أن تسمّوا الأمور بمسمياتها؟ ستكون هبة شعب مظلوم صمت حينا
فلن يصمت دهرا، ستكون هبته لعنة عليكم".
وخلال المهرجان الذي استمر لساعة ونصف علت هتافات شبان وجهت رسائل انتقاد
للملك وجهاز المخابرات، في لهجة باتت معتادة في الحراك المستمر منذ أربعة
أشهر بمحافظة الطفيلة (179 كلم جنوب عمان) وامتدادها في حي الطفايلة وسط
عمان.