أثنت الرئاسة الأوكرانية على اتحاد المنظمات الاجتماعية (الرائد) الذي يعتبر أكبر وأبرز مؤسسة ثقافية اجتماعية إسلامية رسمية تعنى بالأقليات الإسلامية في البلاد، على جهوده في مجال خدمة المجتمع الأوكراني كله، والمسلمين فيه على وجه الخصوص.
ومن خلال حفل تكريمي قدم ماموتوف إنفيريفيتش، نائب ممثل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب البلاد، شهادة تقدير ووسام الشرف إلى كل من رئيس الاتحاد إسماعيل القاضي، ورئيس فرع الاتحاد في الإقليم محمد طه عزام.
وقال إنفيريفيتش إن الرئاسة تثني على جهود اتحاد الرائد لكونه أثبت على مدار السنوات التي تلت تأسيسه عام 1997 حرصه على مد يد العون والمساعدة لمسلمي القرم وباقي مناطق أوكرانيا، من خلال النشاطات والمشاريع الخيرية والتنموية التي يقوم بها ويشرف عليها، وفي مقدمتها كفالة نحو 1500 يتيم.
وقال إن الرائد أثبت أيضا أنه مؤسسة أوكرانية تهتم بهموم المجتمع كله وتسعى لحل مشاكله، من خلال ما قام به من مشاريع وحملات توعية، وفي مقدمتها ترميم العديد من المدارس وحملات التوعية من الإدمان وغيره.
كما أشار إلى أن حرص الاتحاد على عقد الندوات والمؤتمرات بين أطياف مجتمع القرم العرقية والدينية ساهم -ولا يزال- في تعزيز روح التعايش الإيجابي وإخماد أي محاولات لإشعال نار الفتنة، وأكد أن اهتمامه بالتواصل مع الأئمة والمرشدين في القرم وتثقيفهم جنب الإقليم الوقوع في حفرة التطرف.
نقطــــــــــــــــة تحـــــــــــول
ويعتبر ثناء الرئاسة وتكريمها لمؤسسة الرائد نقطة تحول لافتة في إطار التعامل الرسمي الأوكراني مع المؤسسات الإسلامية، خاصة وأنها كانت تتجنب التعامل معها أحيانا، وتعرقل الكثير من نشاطاتها أحيانا أخرى.
يقول إسماعيل القاضي إن السلطات كانت تتخوف من التعامل مع المؤسسات الإسلامية إلى وقت قريب، مرجعا ذلك إلى ما سماه الشبهات الباطلة المثارة حول الإسلام والتي تصفه بأنه دين تطرف يحض أتباعه على إرهاب وقتل الغير.
ويقول أيضا "إننا حرصنا ونحرص دائما على دحض الشبهات، وبرهنا أن المسلمين جزء لا يتجزأ من النسيج الأوكراني، وعنصر إيجابي فيه" مؤكدا أنهم يحرصون على مصالح الشعب ويقفون ضد ما يهدده ويضر به. ويضيف "وهذا نابع من واقع ما يدعو إليه الإسلام، حتى وصلنا بفضل الله إلى ثقة السلطات والنخب المثقفة والمجتمع".
فـــــــرض الـــواقــــــــع
لكن النائب البرلماني ورئيس مجلس شعب تتار القرم مصطفى جميلوف قال للجزيرة نت إن تغيير سياسة السلطات في تعاملها مع المسلمين يأتي من واقع ازدياد أعداد المسلمين في أوكرانيا، وخاصة في القرم بعد عودة التتار من دول المهجر (نحو نصف مليون نسمة) وهو "واقع لا يمكن تجاهله".
وأضاف أن الواقع يبين أيضا أن الرائد بالرغم من اقتصار نشاطه على الجوانب الدعوية الثقافية والخيرية الإنسانية يعتبر أكبر مؤسسة تعنى بمسلمي أوكرانيا وتتار القرم، في ظل غياب الاهتمام الرسمي بأوضاعهم الصعبة بعد العودة.
ويبلغ تعداد مسلمي أوكرانيا نحو مليوني نسمة من أصل 46 مليونا، ومعظمهم من التتار الذين هجروا عام 1944 قسرا إلى دول شرق آسيا وشمال روسيا بدعوى ضعف التبعية للنظام السوفياتي، وقد هدمت وصودرت معظم بيوتهم ومؤسساتهم التعليمية والدينية لتوزع على طبقة ما كان يعرف بالعمال الكادحين آنذاك.
وقد بدأ المهجرون في العودة بعد استقلال أوكرانيا عام 1991 ليبدؤوا مشوار معاناة جديد مع مواجهة الفقر المنتشر بين معظمهم، ومحاولات استعادة الأملاك التي لا تزال مستمرة حتى اليوم.