فى تسع طبعات متتالية منذ عام 1990 وحتى
عام 2008 صدر كتاب الشيخ محمد الغزالى «قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة
والوافدة» والذى يتطرق خلال أربعة أبواب، كل جزء منها مقسم إلى سلسلة
متتالية من المقالات، إلى قضايا تتعلق بالمرأة المسلمة فى العالم المعاصر
من خلال تفسيره للنصوص القرآنية المتعلقة بأوضاع المرأة وبأحاديث نبوية
يفند القوى فيها من الضعيف، مستندا إلى الاجتهاد والقياس.
وبين شرح
لمواقف الإسلام الأساسية من المرأة وتدليل على هذا الشرح بمقتطفات من سيرة
الرسول وعلاقته مع زوجاته وبين استعراض لأوضاع راهنة مجحفة بالمرأة، يأتى
كتاب الغزالى فيما يزيد مقترحا توصيف وضع المرأة فى الإسلام وناقدا لبعض ما
يعتنقه العامة من آراء حول كيفية التعامل مع النساء من منظور إسلامى.
ومن
الرسائل الرئيسية التى يعنون لها الغزالى فى كتابه، فى أحد مقالات الباب
الأول أن المساواة ثابتة فى القرآن ــ مع استطراد بأنه يجب مراعاة الوظائف.
ويقول
الغزالى: «إن الإسلام الذى نقدمه.. لا يؤخذ من أفواه المجانين، الذين
ينادون بحبس المرأة فلا تخرج من البيت أبدا إلا لزوجها أو قبرها كما
يقولون، إننا نأخذه من تعاليم الإسلام الواضحة فى الكتاب والسنة»، ويضيف:
«إن الذى يتدبر القرآن الكريم يسمح بالمساواة العامة فى الإنسانية بين
الذكور والإناث، وأنه إذا أعطى الرجل حقا أكثر فلقاء واجب أثقل، لا لتفضيل
طائش، وقوامة الرجل لا تعنى المساواة الأصلية». وذلك مع التأكيد فى مطلع
الباب الرابع المعنون «تصحيح المفاهيم الخاطئة» أن «القوامة لا تعنى القهر»
لأنه يجب مراعاة «حدود الله»، التى تلزم الرجل بالانفاق على البيت دون أن
تعفيه من التزام مقابل بالتشاور مع أهل البيت فى شئونهم.
غير أنه
على الجانب الآخر فإن الغزالى، الذى يأخذ على من يرددون فتاوى متشددة وغير
موثقة المرجعية الدينية حول أوضاع النساء، مثل القول بعدم حرية المرأة فى
اختيار زوجها وأن الوجه عورة أو صوت المرأة حرام، بأنهم فعليا يسيئون
للإسلام، يقول فى حديثه عما يحق للمرأة أن تقوم به يقول بأن رأيه أن هناك
ما يمكن أن تقوم به، وما لا يمكن أن تقوم به، ليس فقط فى إطار المجتمع،
ولكن أيضا فى إطار الأعمال ــ حيث لا يقر أن تعمل مضيفة على طائرة أو شرطية
فى الشارع أو ميكاكلمه محظورهية، لأن ذلك «لا يليق بالمرأة»، بلا أنه
«قلما تساوى (المرأة) الرجل فى هذا المجال».
كتاب الغزالى به الكثير
مما يمكن أن يتواءم مع مطالب النساء المسلمات بوضع اجتماعى كريم، أو ما
يمكن أن ترفضه الفئات المتشددة فى تفسير القرآن والسنة، ولكن به أيضا ما
يمكن ألا يتوافق مع مطالب المرأة المعاصرة، والتى لا ترى فيها تناقضا مع
موجبات صحيح الإسلام.