سلم ومر من أمامي مثقلاً يحمل جبال المشقة على كتفيه
أمتص الزمن الماء من عروقه حتى أبيض الحاجبين
فعاد فتياً صقلت صرخات طفلاً كيانه
ضائعاً ذنبه أصغر أخوانه
ونظرت بعينيه بريق نظرة أرعبتني
تعجبت من عواصف إحساسه واهتمامه
وانتقلت روح الأبوة في المكان وأذهلتني
وقف الشارع ليشارك الطفل ألامه , و الأحزان
وأخذ الوالدين هنا وهناك فلذة كبده بالأحضان
حزناً وشفقة عليه , و ألا يصيبهم ما أصابه
حتى تكونت هالة من رحمة عطرت المكان
سبحان من أعطى رحمة من تسع وتسعين سبحانه
وأخذ يتنقل المسن تارة هنا وتارة هناك
كجواد عربي أصيل يعدوا لرفع الراية
يلهيه ويداعبه ويضمه بكل عطف واهتمام
كأنه من صلبه
ما هان ولا لان لقيود الكِبَرِ لحظة
ولا انخفضت أمواج العواطف شًعيرةً
وما هدأ ولا اهتدى إلا بعدما
عادوا يسابقون الرياح واستلموا الأمانة
عندها أخذ يمشي مبتسماً مختالاً فخور
كأنه قائدُ فتح فلسطين وأخذ يحي أعوانه
لا يربطه بالطفل وأهله لا دم ولا لمحت أعينه كيانهم
بل لأن في سمائه عشرة أقمار بريئة سابحة
هيجت ما بداخله وبدل التعب لفرحة عارمة
في النفس بذرة شامخة تنمو في أقسى الوريد
مهما بدا المرء من سوء يصعب بلوغ ظلها شائبة
يقسوا البشر على ذاتهم وبعضهم صغير وكبير
وتبقى نشوة شهدها بلسم الذات من الجمود
فروح الأبوة نعمة والرحمة سمة من سمات المولى
من فقدها تحل الأعياد في فراقه لبعده عنه
والمرء بقدر ما أعطي منها تتفتح له أبواب البصر والأبصار
بدون أن يعلم وهذه أمور لا تفسرها الأقلام .
الأقمار : الأبناء
مخرج :
وهذه قصة حقيقة حصلت معي قبل سنه قصة لرجل مسن انتهى من عمله وسلم علي وكان قاصداً بيته ووجد طفلاً ضائعاً وباقي القصة كما وصفتها
وكتبتها في وقتها وبعدها كتبتها عدة مرات ولكن ما رأيته وقتها وشعرته منه
أعظم وأرقى وأكبر من مستواي المتواضع والحروف الأبجدية ترددت كثيراً لهذا
الموقف العظيم
وهذه محاولة متواضعة لتصوير القصة ومن شدة ذهولي وإعجابي لذلك الرجل المسن
حفظه الله وجزاه خيراً بما فعل أحببت أن أكتب عنه وهذا أقل ما أفعله وجزاءه
عند الله كبير
وأتمنى أن أكون قد وفقت فيها
ودمتم بحفظ الله