كثر الحديث الايام الماضيه عن الجينات وعن التوصل لحل الشفره الوراثيه البشريه كامله او ما يعرف بخريطة الجينات او الجينوم البشرى .
لكى نفهم ماهو الجين وما المقصود بالشفره الوراثيه يجب ان نأخذ فكره مبسطه
اولا عن عمل الخليه وليكن نموذجنا المبسط وفى عجاله كائن حى ذو خليه واحده
وهو ميكروب اى كولاى وهذا الميكروب ذو الخليه الواحده يبلغ واحد على 100
من حجم الخليه البشريه .
تستطيع ان تتخيل هذه الخليه مثل كيس من البلاستيك به ماء تطفو فيه بعض
الرواسب من الروتينات وانزيمات اخرى علاوه على شريط حلزونى ملتف من حمض
الحياه دى ان ايه
كما فى شكل الخليه الموضح يتكون شريط دى ان ايه فى خلية اى كولاى من اربعة ملايين زوج قاعدى وهذه القواعد مرصوصه فى حوالى1000 جين.
الجين هو ببساطه نموذج بروتينى وعادة مايكون هذا النموذج انزيم يستخدم فى
تفاعل كيميائى الانزيم هو بروتين يسرع عملية تفاعل كيميائى معين .
مثلا واحد من الالف انزيم (جين) فى جزىء دى ان ايه للايه كولاى يقوم
بتكسير جزىء المالتوز الى جزيئين من الجلوكوز وعلى قدر بساطة هذا التفاعل
الا انه حيوى للكائن الذى لايستطيع ان يستفيد من المالتوز الا بعد ان يتحول
الى جلوكوز بفضل هذا الانزيم وبعد ذلك تستطيع خلية الاى كولاى تحويل
الجلوكوز الى طاقه بواسطة انزيمات اخرى , ها قد بداتم تفهموا ماهو الجين
وعندما يكون هناك خلل فى جين معين او غياب هذا الجين هنا يحدث الخلل (المرض
)
فالمرض غالبا ناتج عن خلل جينى وهى التى يطلق عليها
الامراض الوراثيه مثل غياب انزيم معين ضرورى لتحويل البقول الى مواد يستفيد
منها الجسم تحدث مشكله تؤدى لحدوث حساسيه ونزف ومشاكل قد تهدد حياة الشخص
المصاب لكى تصنع الخليه انزيم تحتاجه لتفاعل معين فانها تقوم بعمل نسخه من
الجين الذى يحمل النموذج المطلوب على شريط دى ان ايه
( اى ان الجين صفه او نموذج يؤدى لتفاعل لاداء وظيفه ويجب ان يكون موجود
مسبقا اى موروث اى ان هذه الصفه التى تظهر هذا التفاعل موجود مسبقا والا لن
يتم التفاعل وبالتالى لن تظهر الصفه )لطبع هذا الانزيم ومن الممكن عمل الاف النسخ من انزيم معين وعدة نسخ من آخر
ولكن مجموع الالف جين فى الاى كولاى يحوى الانواع المختلفه التى تحتاجها
الخليه لعمل الوظائف التى تمكنها من الحياه اى ان تأكل وتشرب وتتكاثر ….
اذن فى اى كائن حى واى خليه حيه فان شريط دى ان ايه الذى يحوى الماده
الوراثيه التى تصنع الانزيمات التى تقوم بالتفاعلات الكيميائيه اللازمه
لحياة الخليه فهو بحق مادة الحياه . اعتقد ان الامور اصبحت اوضح !اليس كذلك
؟ …
التكاثر الجنسى تتكاثر البكتيريا لاجنسيا.
هذا يعنى انه عندما تنقسم الخليه البكتيريه فان النصفين يكونا متطابقين اى
انهما يحويان نفس النسخه من شريط دى ان ايه (تناسخ ) كما انه لايوجد نوعين
من الخلايا مكملان لبعضهما اى ذكر وانثى واعتقد ان البعض منكم ممن يتسائلون
عن التناسخ او الاستنساخ قد عرفوا الان ان التناسخ هو تكاثر لاجنسى اى
انتاج نسخه من الخليه المنسوخ منها يعنى عندما تم استنساخ النعجه دوللى تم
اخذ خليه غير جنسيه من خلاياها
(اى لم يتم اخذ البويضه)
ونسخها اى جعلها تنقسم وهو تكاثر لاجنسى فلايوجد هنا اب وكذلك الابن الناتج نسخه طبق الاصل من الام .
اما الكائنات الاعلى والارقى فانها تتكاثر جنسيا مثل الحشرات والنباتات والحيوانات والانسان بالطبع .
ان التكاثر الجنسى (بعكس التكاثر اللاجنسى الذى ينتج نسخه طبق الاصل من
الاب ) ينتج تنوع هائل فى الصفات الوراثيه فى الانواع فمثلا عندما يكون
هناك زوجان لديهم اطفال كثيرون فجميع هؤلاء الاطفال مختلفون عن بعضهم البعض
وعن ابويهم فى اشيا كثيره فى لون العينين مثلا والبشره والشعر وفصيلة الدم
فكيف حدث ذلك ؟!
بدلا من شريط طويل كما فى حالة الاى كولاى فان الحشرات والحيوان والنبات
والانسان لديهم كروموزومات تحمل شرائط الدى ان ايه فى ترتيب قاعدى متوالى .
الانسان لديه23 زوج اى 46 كروموزوم ,ذبابة الفاكهه لديها 5 أزواج والكلاب
لديها 39 زوج وبعض النباتات لديها 100 زوج الكروموزومات مصفوفه فى ازواج ,
كل كروموزوم عباره عن صف مدكوك من شريط دى ان ايه .
هناك شريطين من دى ان ايه يلتقيان معا فى عقده تسمى سنترمير لتكوين شكل X
ذراع من الام وذراع من الاب لانه يوجد ذراعان من ( شريطين ) من دى ان ايه
فمعنى ذلك ان الحيوانات ( ومنها الانسان ) لديه نسختين منكل جين خلافا
للبكتيريا مثل اى كولاى التى لديها نسخه واحده عندما يصنع الذكر حيوان منوى
والانثى بويضه فان شريطى دى ان ايه يجب ان يجتمعا فى شريط واحد .
اى ان كل حيوان منوى من الاب وبويضه من الام يساهما فى تكوين نسخه من كل
كروموزوم ويتقابلا لاعطاء الطفل الجديد نسختين من كل جين ! فاهمين حاجه
؟!
لتكوين شريط واحد فى الحيوان المنوى او البويضه عند بداية تكوينهما يجب
اختصار عدد الكروموزومات للنصف يعنى ليصبح 23 وذلك ببساطه حتى يصبح العدد
عند الاخصاب 46 ( 23 من الحيوان المنوى ومثلهم من البويضه )
وحيث ان الخليه العاديه فى الانسان بها 46 كروموزوم فانه لتصنيع حيوان منوى
او بويضه يجب اختصار العدد ليصبح 23 فى انقسام ميوزى معنى ذلك انه سيتم
اختيار نصف عدد الكروموزومات ليتم تحميلها على الخليه الجديده (حيوان منوى
او بويضه )
وهنا يتم اختيارجينات دون غيرها بصفه عشوائيه من ازواج الجينات فى كل كروموزوم
( يعنى ببساطه لو عندك 46شخص من جميع صنوف الناس واقفين مع بعض فى اى وضع بناخد نصفهم من اى اتجاه المهم نصفهم )
وتنتقل هذه الصفات المختاره الى الطفل الجديد علما بان كل حيوان منوى
(وكل بويضه )
يحمل جينات مختلفه عن غيره فهناك جينات متشابهه ولكن حتما هناك جينات
مختلفه ولذلك تجد ان الاخوه الاشقاء هناك بعض الشبه ولكن حتما هناك
اختلافات كثيره فكل طفل يحمل خليطا من الجينات مختلفا عن اخيه رغم انهم من
نفس الاب ونفس الام الا انهما ليسا من نفس الحيوان المنوى او البويضه الجين
كما ذكرنا سابقا ليس الا نموذج لتخليق انزيم الذى هو ضرورى لانجاز تفاعل
كيميائى .
هذا يعنى ان اى حيوان او نبات هناك نموذجين من كل انزيم فى احيان
يتشابهان واحيانا يختلفان ولكن ان اختلفا فان احدهما يسود على الآخر فمثلا
بالنسبه لنبات البازلاء طول الحبه صفه سائده وقصر الحبه صفه متنحيه يعنى لو
لو اجتمعت صفة الطول(جين ) وصفة القصر
(النسخه الاخرى من الجين )
تسود صفة الطول يعنى تكون الحبه الناتجه طويله ولاتكون الحبه الناتجه قصيره
الا فى حالة تصادف وجود الصفتين المتنحيتين (القصر ) معا ويمكن ان يحدث
ذلك فى الجيل الذى يليه او لاجيل اخرى بعيده حسب الاختيار العشوائى لصف
الجينات مع بعضها عند الانقسام الميوزى لاختصار العدد الكروموزومى للنصف
فهم الخريطه الجينيه للنوعمجموع التنوع فى الصفات جميعها فى جنس معين هو
الخريطه الجينيه لهذا النوع كما اعلن عن فك رموز الشفره الوراثيه كامله
(الخريطه الجينيه) للانسان والتى سنتكلم عنها فيما بعد.لدينا نموذج هنا لفهم الخريطه الوراثيه وهو لذبابة الفاكهه فهناك بعض
الحقائق عن هذه الذبابه وهى ان شريط دى ان ايه فيها يتكون من 5 كروموزومات
وهناك حوالى 250 مليون زوج قاعدى فى الشريط الوراثى مرتبه بحيث تكون بالضبط
13601 جين (اى صفه) اى ان مجموع خريطة الجينات فى هذه الذبابه (جميع
الصفات الممكنه )هو 13601.
يظهر كل جين فى مكان معين على كروموزوم معين وهناك نسختين من كل جين كما عرفنا سابقا .
تزداد الخريطه الجينيه للنوع عند حدوث طفره ونجاح هذه الطفره يجعلها تورث فى الابناء كجين جديد !!
وذلك بمؤثرات بيئيه وتزاوج تباعدى وغير ذلك اما اذا واجه نوع خطر الانقراض
فان الخريطه الجينيه تقل كثيرا بقلة عدد الافراد الباقين مما يؤدى الى قلة
التنوع وظهور الامراض الوراثيه التى كانت غير واضحه او نسبتها فى الظهور
قليله بسبب مثلا ان جينها متنحى اما وقد قل عدد الجينات فان فرصة التقاء
جينين متنحيان اصبحت عاليه و
من هنا
جاء النصح بالبعد عن زواج الاقارب لتجنب تكديس الخريطه الجينيه فى اتجاه
سالب فى حين ان اتساع الخريطه الجينيه يؤدى للعكس زياده فى التنوع وقله فى
الامراض الوراثيهخريطة الجينوم البشرى تفك رموز كتاب الحياه :
تم الاعلان عن فك رموز العوامل الوراثيه لكتاب الحياه واكتمال الخريطه
النهائيه للجينوم البشرى بولاية ميرلاند بامريكا وبحضور 6 دول هى المانيا
وبريطانيا والصين وفرنسا واليابان بالاضافه لامريكا تضم الخريطه الوراثيه
البشريه 3 مليارات حرف من الرموز الوراثيه والتى تتحكم وتمثل كل وظائف
وحياة الانسان
مما ادى الى ان يصبح
الطريق ممهدا للعلاجات الجينيه والتى هى عنوان هذا القرن!وبدأبالفعل ابحاث
كثيره وظهرت نتائج مبشره عن الاستفاده من هذه الخريطه فى احداث ثوره فى
علاج السرطان والسكر والامراض العصبيه والعقم وبعض امراض الاطفال خاصة بعد
الاعلان عن وضع هذه المعلومات والرموز الوراثيه ببنك المعلومات مما يسهل
على العلماء فى جميع انحاء العالم الوصول الى هذه الرموز دون قيود مما يعود
بالنفع على الصحه البشريه وهو ماكان حلما صعب المنال منذ سنوات قليله فقد
بدأت اولى هذه الخطوات بالتوصل لقراءة المحتوى الوراثى للخليه البشريه
والذى يحتوى على 23 زوج من الكروموزومات يضمها شريط من حمض دى ان ايه طوله
حوالى 2 متر ويتكون من 3 مليارات من القواعد النوويه المتتابعه
(الرموز الوراثيه) ومن هنا يمكن فهم عمل الخلايا البشريه ووظائفها الحيويه المعقده بشكل اكثر دقه وكذلك فهم اسباب حدوث الامراض والاورام وغيرها وكذلك الوقوف على اسباب الطفرات التى تؤدى للامراض الوراثيه وعلاجها كما يظل الامل بالنسبه للعلاج بالجينات فى حالات العقم وامراض الاطفال لاعادة توظيف الجين او تنقيته! او حتى احلاله بآخرسليم او معدل حتى يمكن منع حدوث المرض الوراثى او السيطره عليه وكذلك السيطره على بعض الجينات التى تم الكشف عن انها المتسببه فى بعض الاورام السرطانيه وكذلك مرض السكر بل ان الامر وصل ببعض شركات الادويه العملاقه انها انتجت شريحه صغيره يمكن عن طريقه تحديد واختيار الدواء المناسب لشخص بذاته !! كما تسابقت شركات الادويه على انتاج دواء لسرطان الدم مبنى على اسس جينيه دقيقه مما احدث ثوره فى هذا المجال وماذاك الابدايه |