في سياق المنهج الجديد الذي ينحو صوبه سلاح الدرك الوطني أحد أذرع الجيش
الوطني الشعبي نحو الاحترافية، من خلال الانفتاح على مختلف المؤسسات وجمعيات
المجتمع المدني والمواطنين إضافة إلى أسرة الإعلام الوطنية، اغتنمنا مناسبة الأبواب المفتوحة في كل من مركز التدريب
بالدراجات النارية ببينام ومركز التكوين السينوتقني والخاص باستعمال الكلاب
المدربة للكشف والمساعدة، والتي أثبتت قدرات خارقة لكبح جماح الجريمة لاسيما فيما
تعلق بالكشف عن المخدرات، المتفجرات، السلاح، والقبض على المجرمين، أطوار هذا
اليوم الذي قضيناه بين المركزين اللذين يقبعان في غابة بينام الكثيفة والتي تطل
على أحد أجمل مناظر الجهة الغربية لساحل الجزائر المحروسة.
في مركز التكوين للتدريب بالدراجات النارية
بحضور قائد مركز التكوين للتدريب بالدراجات النارية ببينام المقدم فلاح العوني
الذي استقبل أسرة الإعلام المرئية والمكتوبة بالموازاة مع جمعية رعاية الأيتام
وذوي الاحتياجات الخاصة، بدأت جولتنا لتفقد هذا المركز الذي يتربع ويكتنز على
مناظر خلابة، حيث تتوسطه أشجار غابة بينام المطلة على ساحل العاصمة، وامتزجت خضرة
الغابة مع زرقة البحر والسماء والتي شكلت منظرا رائع الجمال، حيث توجهنا من المدخل
إلى قاعة المحاضرات الذي استمعنا فيه إلى نبذة تاريخية عن المركز الذي أنشئ سنة
1965 في بن عكنون بادئ الأمر، ليتم نقله إلى بينام نظرا لما تشكله هذه المنطقة من
تضاريس تساهم وتساعد على أداء المهام والتدريب. ويناط بهذا المركز كما قدمه لنا
أحد الضباط مهام عديدة، أهمها التكوين القاعدي للدراجين، بالإضافة إلى رسكلتهم
والتحكم في المركبات مع استخدام السرعة الفائقة. وتنحصر مدة التكوين التي يتلقاها
أعوان الدرك الوطني بالإضافة إلى العديد من الدفعات الأجنبية وأغلبها من الدول
الصديقة والشقيقة لاسيما الإفريقية والعربية في 5 أشهر، يتلقاها الدراج الدركي
وخلالها يتمكن من التأقلم والاعتياد على قيادة درجاته على مستوى كل الوضعيات، حيث
تخصص له علامتان من الدراجات، الأولى من صنف هيركيل والثانية ذات العلامة BMW الألمانية، ويتلقى الدركي
الدراج بعد هذه المدة شهادة للتكوين التقني في هذا المجال. و ذكر بأهمية السهر على
26512 كلم طريق وطني و13549 طريق ولائي . وضعيات التحية، المناورة، الاستعداد،
الاستراحة الخاصة بالدركي الدراج عقب خروجنا مع ضيوف المركز من قاعة المحاضرات
والتي استخدمت فيها شاشة الفيديو، اتجهنا مباشرة صوب ساحة العلم التي أدت فيها
إحدى فصائل المركز عروضا لنظام المنظم، حيث استمتعنا برؤية الطريقة التي يؤدي فيها
الدركي الدراج وضعيات الاستعداد، الاستراحة، التحية والمناورة في نفس المكان.
تتفقد أقسام التدريس الافتراضي للطلبة الدراجين
من ساحة العلم التي تخطيناها على أنغام الأناشيد والقسم الوطني الذي ذكر الجميع
بأيام الدراسة وأداء الخدمة الوطنية، دخلنا منها إلى أقسام التدريس الخاصة بأعوان
الدرك الوطني اختصاص دراجات نارية، حيث كان أول ما قابلنا مع دخولنا إلى المبنى
ضابط كان يلقي محاضرته حول قانون المرور في ظل استماع الطلبة الأعوان. ومن هناك
توجهنا إلى القاعة التي كانت تتوسط المبنى والتي قدمت لنا فيها شروحات حول التدريب
الافتراضي باستخدام نماذج طبق الأصل من الدراجات النارية والمزودة بشاشات إلكترونية
تسهم في تحديد الأخطاء ودفع الدراج لعدم تكرارها وهو ما يقلص ويحد من حجم الإصابات
التي كانت تحدث سابقا أثناء التدريب العادي. وقبل التوجه إلى أخذ وجبة الغذاء التي
أقامها قائد المركز المقدم العوني على شرف ضيوف اليوم المفتوح على مركز بينام
لتدريب الدراجين التابع لسلاح الدرك الوطني أخذ الجميع من نادي الربيع لرعاية
الأطفال الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة صورا تذكارية، ومع نهاية الجولة قدم
المقدم العوني فلاح هدايا تذكارية وصورا لكافة الأطفال وممثلي الجمعية.
تعتبر القوة السحرية للدرك الوطني في تقفي الجريمة
تدخل مركز التدريب السينوتقني لاستخدام الكلاب المدربة
على بعد أقل من 500 متر
من مركز التدريب بالدراجات النارية، يقبع المركز الآخر لسلاح الدرك الوطني والمختص
في التدريب السينوتقني، أو ما يعرف بترويض الكلاب المستخدمة في مكافحة الجريمة
بكافة أشكالها وأنواعها. البداية كانت مع وقفة التحية والترحيب التي بادر بها قائد
المركز السينوتقني المقدم براهيمي حنيفي إلى وفد الأسرة الإعلامية، وجمعية نادي
الربيع لرعاية الأطفال الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وبحضور نائب رئيس دائرة
الإعلام في قيادة الدرك الوطني الرائد عبد الحميد كرود، حيث توجه بعد ذلك الجميع
إلى قاعة المحاضرات، وألقى قائد المركز كلمة ترحيبية ضمنها نبذة تاريخية على
المدرسة وأوضح من خلالها مهام هذه المؤسسة التي تعنى بتكوين أعوان الدرك الوطني
الذين يتعاملون مع الكلاب الخاصة بالمساعدة في تقفي كل أنواع الجرائم، زيادة على
إسهامها الكبير في الكوارث الطبيعية كالزلازل، حيث ساعدت على تقفي مئات الأشخاص في
زلزال بومرداس 2003 وشلف 1981 بالإضافة إلى فيضانات باب الوادي وغرداية. من جانب
آخر رد السيد المقدم على العديد من التساؤلات التي طرحت في القاعة، حيث سألته
''الحوار'' عن إمكانية استخدام أنواع جديدة من الكلاب المدربة، بالإضافة إلى سؤال
حول الاعتماد على الكلب الألماني خصيصا دون غيره، زيادة على تكييف الكلب المدرب
على الصحراء ومناخها، حيث تعاظمت نسبة الجريمة هناك لاسيما في المناطق المتاخمة
للحدود الجنوبية للوطن، حيث تعد المنطقة نقطة رئيسية لظاهرة الهجرة غير الشرعية
والشعوذة الإفريقية وتهريب المخدرات والسجائر. وفي رده أكد السيد المقدم براهيمي
أن الجزائر وصلت اليوم منذ 2007 لتغطية كامل التراب الوطني بفصائل ووحدات وفرق
سلاح الدرك الوطني وحرس الحدود التابع له بأعوان مختصين في التعامل مع الكلاب
المدربة، مثنيا في ذات الوقت على ما قامت به وما تقوم به هذه الكلاب المدربة في
كبح الجريمة واقتفاء أثر المجرمين عبر ربوع التراب الوطني. وفي رده على سؤالنا
المتعلق باختيار الكلب الألماني على غيره أكد السيد المقدم أن ذلك يرتبط تاريخيا بمساره
في الحرب العالمية الثانية، حيث أبدع هذا الكلب في مساعدة قوات الحلفاء في النصر
المحقق في العام 1945 ضد قوات المحور بقيادة ألمانيا النازية، حيث أبهر القادة في
كشف الأسلحة والذخيرة والكمائن بالإضافة إلى وفائه الشديد. وبالنسبة لإمكانية
الاستفادة من أنواع أخرى من الكلاب أكد المقدم أن ذلك واقع فعلا، حيث أصبح من
الممكن هذا المركز القيام بعمليات التزاوج بين أجناس مختلفة من الكلاب، من جهة
أخرى أكد المتحدث أن الكلاب قد تعودت على مناخ التراب الوطني بفسيفسائه، مشيرا إلى
أنها الأمور تسير على أحسن وجه. كما عاد للتنويه بالدور الذي يقوم به المركز في
تكوين أعوان الدرك من الدول الصديقة والشقيقة بالإضافة إلى فرق خاصة من الجيش
الوطني الشعبي، وهي المهمة التي اضطلع بها هذا المركز منذ العام ,1963 حيث عمدت له
الكثير من إعداد المهمات الخاصة وتكوين الأفراد العسكريين كمسيري الكلاب المدربة
ومساعدي المروض وقادة الأفواج.
بما فيها إلقاء القبض على مجرم يطلق النار
تحضر عرضا خاصا للكشف عن المتفجرات والسلاح
من قاعة المحاضرات التي استمعنا بها لعرض حول نشاط المؤسسة الخاصة بالتدريب
السينوتقني، انتقل بنا قائد المركز السيد المقدم مرفوقا بضباط وضباط صف مختصين في
هذا المجال، حيث تمتع الجميع بعروض قدمتها فرق النخبة الخاصة بهذا السلاح.
الكلب مالموا يعثر على المخدرات ''وين يسكن الشيطان'' في أقل من 60 ثانية
كان الكلب مالموا أول من بادر بالقيام بمهمة العثور على المخدرات التي كان العون
الدركي المكلف به قد أخفاها في مكان يصعب الوصول إليه، حيث جرى إبعاده قبل إعطائه
الإشارة، وفي أقل من دقيقة بدأ النباح كدلالة على استشعاره لوجود كمية من المخدرات
كانت موجودة بين المقطورة ورأس الشاحنة ومع سحب الدركي لقطعة المخدرات حتى انهالت
عليه تصفيقات الحضور.
التمرين الثاني.. كلب مدرب يقتفي مادة TNT في أقل من 50 ثانية