*طريقة الجدل*
مقدمة طرح المشكلة:
المقدمة:خلق الله الكائنات الحية،وميزها بقدرات لتتأقلم مع محيطها
الخارجي.ولانسان يتميز عن غيره من الكائنات بمجموعة من الصفات التي تصدر
عنه،على شكل سلوكات تحمل قيمة في ذاتها تسمى بالقيمة الخلقية والتي هي
عبارة عن سلوكات خيرة وشريرة صادرة عن الانسان.وحول طبيعتها وقع جدال في
الاوساط الفلسفية،فهناك من يرى ويعتقد ان لها طبيعة مطلقة وثابتة وهناك
البعض الاخر يرى ويعتقد انها نسبية و متغيرة،فهل القيمة الخلقية مطلقة او
نسبية؟
محاولةحل المشكلة
الموقف الاول:يرى بعض المفكرين والفلاسفة
ان القيمة الخلقية مطلقة وثابتة،وذلك باعتبار انها تقوم على اساس مبدء
الثوابت والمطلقية ،وهذا ما اكذه انصار الموقف الديني باعتبار ان الدين
جماة من العقائد والشرائع الإلزامية والمقدسة وهو الاعتقاد العاطفي بوجود
مبدا اعلى يتحكم في كل المخلوقات ،ويعرف ايضا بأنه* وضع الاهي يرشد الى
الحق في الاعتقادات والخير في السلوك * ولهذا نجد الاسلام عقيدة وشريعة
تدعو الى الاخلاق و الخير لقوله تعالى:"ولتكن منكم امة تدعون الى الخير
ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولائك هم المفلحون ".ولقوله صلى الله
عليه وسلم :"إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق.ولهذا الين يشكل بعدا اخلاقيا نستند اليه في تقويم افعالنا الخلقية وهذا ما اكده ابن حزم
،حينما اعتبر أن الدين هو اساس القيمة الخلقية وذلك بعتبار ان ماسماه الله
حسن فهو حسن ،وما سماه الله قبيح فهو قبيح مثل الصدق سماه الله حسن فهو
حسن عند معاملة الناس ، والكذب سماه الله قبيح فهو اذا قبيح وهذا ما نلاحظه
في الواقع ،ومعنى هذا ان معيار الخير والشر يعود الى الارادة الاهية
،فالشرع هو الواضع للاعمال الخيرة والشريرة ،حيث ان الخير ما أمرنا الله به
كالاحسان والشر مانهنا الله عنه كالسرقة والكذب امور نهنا الله عنها ،وفي الفلسفة الاسلامية نجد المعتزلة
التي تعتبر ان الشريعة الاسلامية هي مصدر القيمة الخلقية ،الا ان الدين
جاء مخبرا عنها اي عما هو موجود في العقل اي ان العقل هو قوام الفعل
الخلقي ،فغرض الامر بالمعروف والنهي عن المنك مقرر في العقول ،ذلك ان
القيمة الخلقية مرتبة بطبيعة الانسان العاقلة لان العقل الانساني بامكانه
ان يفرق بين الخير و الشر ، والانسان حر في اختياره ،وبحسب هذا الاختيار
يكون مسؤلا امام الله صبحانه وتعالى ،ومن ثم يجاز على افعاله بالثواب او
العقاب ومعنى ذلك ان الامر مثلا بالصدق والكذب مقرر في عقل الانسان ،
وبذلك يختار بين الصدق ةالكذب ، فإذا اختار الصدق وعمل به يجاز من عند الله
بالثواب، والعكس مقابل اختياره للكذب،فالمعتزلة تعتبر ان الفعل يكون خيرا
او شرا في ذاته وبإمكان العقل ان يدرك هذا ،وما الشرع الا مخبر عما يدركه
العقل ، اما الاشاعرة فتعتقد ان العقل لا يملك
القدرة على التميز بين الخبر والشر ، وان الفعل الخلقي لا يحمل خيرا او
شرا في ذاته ،لأن الشرع هو الذي يثبت حقيقة القيمة الخلقية سواءا في
الامر او انهي لأنها صادرة عن إرادة الله المطلقة وما دور العقل الا الخضوع
لتعاليم الشرع وبالتالي لاوجود لارادة الانسان ، ففعل الخير والشر
وجزائهما بالثواب والجزاء وارد في الشرع ،لان الله امرنا في القرآن الكريم
بالاحسا كفعل خير وبين لنا جزاء وثواب القبام بهذا الفعل الجنة والعكش مع
الافعال السيئة جزاؤها النار ، ولهذا فالشرع بين لنا كل هذه الامور
وماعلينا الا الخضوع لتعاليم الشرع . وهذا ااضافتا الي الذين اكدو على ان
القيمة الخلقية مطلقة انصار الموقف العقلي باعتبار ان العقل هو ما يميز
الانسان و يرفعه عن سائر الكائنات الاخرى وهذا ما اكده العديد من الفلاسفة
العقلانين الذين اعتبرو ان القيمة الخلقية ترجع الى العقل لانها حقيقة
بديهية ثابتة موجودة في ماهية كل كائن عاقل وهذه الماهية ثابتة لا تتأثر
بالزمان لانها مطلقة فهي صادرة عن مبادئ عامة ويقينية خالية من كل منفعة
ذاتية او اجتماعية اذن القيمة الخلقية للفعل تكمن في مبدء الفعل لا في
نتائجه وهذا ما اكده افلاطون الذي اعتبر ان العلم و الحكمة غرضهما الاقصى
هو الخير الاقصى و الخير المطلق و العلم يكون عن طرق العقل و ذلك لان
الخير هو القيمة العليا او قيمة القيم التي نبحث عنها لاننا نرى انه
لاوجود ولا كمال ولاسعادة الا بها وفي هذا يقول افلاطون :"ان الخير فوق الوجود شرف وقوة "وهذا يعني ان الخير يعد حقيقة ميثالية واسمى من الوجود الواقعي وبذلك فافعال لانسان عند افلاطون ثلاث قوى وهي القوة العاقلة و القوة الشهوانية والغضبية والتي بدورها تديرها ثلاث فضائل ،فضيلة الحكمة تدير القوة العاقلة وفضيلة العفة
تدير القوة الشهوانية و فضيلة الشجاعة تدير القوة الغضبية وتعد الحكمة
افضل واحسن الفضائل كلها لانها تحد من تغيان القوى الشهوانية والغضبية ،
هذا اضافتا الى ما اكده كانط على ان القواعد الاخلاقية مصدرها الغقل المطلق
لا التجربة الحسية وهذه القواعد تتصف بشروط اولية لمعرفة العالم الحسي ،
فالعقل هو الذي يمدنا بمعنى الواجب الاخلاقي والذي يقوم على الارادة
الخيرة او الحرة وان" الانسان يقوم بالفعل من اجل
الفعل لا بنتظر منه منفعة"،وهي احدى المسلمات التي لابد منها للافعال
الخلقية فضلا عن ثلاث قواعد وضعها كانط القعدة الاولى :"افعل كما لوكان في مسلمة فعلك ان ترتقي الى قانون طبيعي عام ".وذلك
وهذا يعني ان الشخص لايعتبر المبدء الخلقي انطلق منه مجرد مبدء فيه فائدة
ومنفعة ولايحوله الى قانون اخلاقي يعممه على جميع الناس ،و القاعدة الثانية :"افعل الفعل بان تعامل الانسانية في شخصك وفي شخص كل انسان بوصفها دائما وفي نفس الوقت غايةفي ذاتها ولا تعاملها ابدا كما لوكانت مجرد وسيلة"،وهذا يعني ان الشخص عند معاملته للانسانية بقيامه بمجموعة من الاعمال فانه لا ينتطر من ورائها منافع ونتائج ،و هذا اضافة الى القاعدة ثالثة وهي "اعمل بحيث تكون ارادتك باعتبارك كائن عاقل هي بمثابة تشريع عام
"وهذا باعتيار ان الشخص العاقل يضع ارادته كقانون يخضع له وان الواجب هو
ضرورة القيام بفعل الاحترام للقانون الاخلاقي وحده وذلك لان القيمة الخلقية
للفعل تكمن في مبدء الارادة دون الغاية التي يمكن تحقيقها اي ان الانسان
يعمل عملا ما من اجل العمل لا ينتظر منه منافع ونتائج ،كالطالب مثلا يدرس
من اجل الدراسة والتعلم لا ينتظر منها مناغع حسب راي ايمنويل كانط "اقوم
بالفعل من اجل الفعل".
النقد او المناقشة: بالرغم من اهمية مااتى
به الموقف الاول من كون القيمة الخلقية مطلقة و ثابتة الا انها قد تكون
نسبية ومتغيرة ،وهذا اضافة ماذهب اليه الموقف الديني بعتيار ان اساس
القيمة الخلقية بعتباره تشريع تام ومطاق ومقدس الا انه قد يكون للعقل اساس
القيمة الخلقية ولا ينفي دروه اي العقل في وضع القيم الخلقية ،وماذهب اليه
انصار الموقف العقلي باعتبار العقل اساس ابقيم الخلقية فهذا لا يعني الجزم
بانه الاساس الوحيد ،ومطلب كانط وافلاطون مطالب ميثالية لايمكن تطبيقها في
الواقع الانساني فالخير الاقصي لا ينطبق على طبيعة الانسان لان الانسان
يحمل جانبان خير وشر ،كما انه ليس من الضروري ان يقوم الانسان بالفعل من
اجل الفعل بل كثيرا مايقوم بالفعل وينتطر منها منافعونتائج معينة.