كم انتظرت يا وطني أبناءك أن يصبحوا رجالا يذودون عن حماك لا يرونك مصدرا لدولارات، وكم انتظرت أولئك الذين يسمعون نبضك صباح مساء يبكون مع بكاءك، يبتسمون مع هنائك، يرون أنفسهم بدون حريتك أشلاء في ثوب إنسان.
لم تكن بالنسبة لهم سوى طريق العبور إلى عالمهم السرمدي المليء بالأحبة إلى حيث الخلود، أنت جزء من عقيدتهم وجزء من أنفسهم ومن حياتهم بل أنت كل حياتهم تسكن أرواحهم تقطفها حينما تنضج على وهج اللظى، لا ينبسون يا أيها الوطن السليب بأي كلمة عندما تطلب أرواحهم وأعمارهم لتسيل على ترابك ندى لتحمي نضرة عشبك من صفرة زمن فتح ومليشياتها الأمنية العقيم.
يحسدك كل الناس يا وطني على هذا الحب وهذا الأسر الذي تزرعه في قلوب هؤلاء الشباب، أرواحهم فداء لك، أعمارهم تسفك في سجون مليشيات فتح وعصاباتها الأمنية وسجون الاحتلال دفاعا عنك، قدموا لك نعيما وشبابا وهوى، إليك يا وطني الجميل قصة واحد من فرسانك، والذي لا زال يدفع ضريبة من عمره للمرة العاشرة في سجون فتح.
المختطف " أحمد رسمي الخفش" من قرية مردا في محافظة سلفيت، طالب في جامعة النجاح ولا زالت مليشيات فتح تختطفه للمرة العاشرة على التوالي وتحرمه في كل مرة فرحة التخرج من الجامعة، وهو الحلم الذي أصبح بعيد المنال للكثير من الطلاب.
تعرض أحمد للاختطاف من قبل مليشيات فتح الأمنية في الضفة الغربية في عام 2007م، حيث تم احتجازه لمدة 50 يوم في سجون فتح تعرض خلالها للتعذيب في سجن الجنيد في مدينة نابلس قبل أن يتم إطلاق سراحه.
لم تكتفي مليشيات فتح بالاختطاف الأول لأحمد بل قامت باختطافه للمرة الثانية والثالثة… والعاشرة، كان أقساها لدى مليشيات الاستخبارات العسكرية حيث ترك ذلك الاختطاف أثره على أحمد في صحته ونفسيته،كما تعرضت عائلة أحمد إلى معاناة كبيرة نتيجة اختطاف أبنائها " سميح وقتيبة وأحمد" لعدة مرات ، حيث تعمل مليشيات فتح على حرمان شقيق أحمد من الالتحاق بالجامعة بعد إنهائه الثانوية حيث ما زال مختطفا لدى مليشيات الوقائي، وتعمل على منع أحمد من التخرج من الجامعة نتيجة الاختطافات.
وتعتبر التربية الحسنة والأخلاق التي تربى عليها أحمد هي التهمة التي تعتقله عليها مليشيات عباس، حيث يتميز بحرقته على الدين وبرجولته وبصلابته في وجه خصومه وهو لم يرق لعناصر المليشيات ومندوبيها الذي يقومون بالانتقام من كل من يتمثل تلك الصفات.
تناوبت مليشيات عباس بمختلف مسمياتها، وفي إحدى المرات أراد المحققون أن يسمعوا صوت أحمد وهو يصرخ من أجل أن يهزؤوا به، رفض أحمد أن يصرخ حيث قاموا بضربه بكل الطرق من أجل أن يصرخ ورفض وأصر على عدم الصراخ حتى مل قوم فتح من تعذيبه وانصرفوا ورد الله كيدهم عنه، ويعتبر مشهد التلذذ على عذابات المختطفين واحد من مشاهد سادية محققين فتح وعناصر مليشياتها الأمنية حيث يتم تعذيب المعتقل من أجل الاستمتاع بصراخه. لا زال الخفش مختطفاً لدى مليشيات المخابرات بعد قيام تلك المليشيات بحملة اعتقالات في قرية مردا قرب سلفيت عقب إلقاء الحجارة على سيارة مستوطنة الصهيونية قرب القرية أدت إلى إصابتها بجراح ، حيث حرمت مليشيات فتح أحمد من فرحة التخرج باختطافها الأخير له.