بوتفليقة اعترف بشرعية مطالب الشعب وحان الوقت لتسديد دين الليبيين علينا
بدا الدبلوماسي الجزائري الأخضر براهيمي أمس في حواره مع الشروق متفائلا بخطاب رئيس الجمهورية، الذي قال انه احتوى على الخطوط العريضة المطلوبة في الإصلاحات، لكنه حمل مسؤولية تطبيق ما جاء في خطاب الرئيس ليس للحكومة فقط، لكن لكل طاقات المجتمع من الوزير إلى المواطن البسيط. كما عاد براهيمي بالحديث إلى العلاقات الجزائرية المغربية، حيث أكد أن استمرار غلق الحدود لا يخدم الشعبين في كلا البلدين، بدا براهيمي متفائلا بمستقبل العلاقات الجزائرية الليبية، حيث قلّل من الخلاف الدبلوماسي بين الجزائر والمجلس الانتقالي الليبي وانتقد منظومة الإعلام الجزائرية، مبديا تخوفاته من إسقاطات تجربتها على قرار فتح مجال السمعي البصري، كما نفى أي نية في عودته إلى الساحة السياسية في الجزائر.
يتم تداول اسم الأخضر براهيمي لخلافة بوعلام بسايح على رأس المجلس الدستوري، هل تنفي أو تؤكد المعلومة؟ وهل يمكن أن نترقب أي دور سياسي للأخضر براهيمي في المرحلة القادمة؟
* أول مرة أسمع بهذا الخبر، وهذه المعلومة لا أساس لها من الصحة. تركت السياسة منذ 1993، قدمنا ما استطعنا واليوم حان وقت الأجيال الجديدة. وأعيد وأكرر أنني تركت السياسة منذ التسعينات ولن أعود اليها، الحمد لله.. أليس الأحسن لي أن أتكلم هكذا بحرية ودون مجاملة مثلما أتكلم الآن معكم أيها الناس الطيبين.
تحدثتم عن التغييرات التي شهدها الوطن العربي واستثنيتم الجزائر والمغرب والسعودية. هل لنا أن نعرف لماذا هذا الاستثناء؟
- قلت في شهر مارس أن كل الأنظمة العربية قادرة على أن تحدث التغيير وتقوده، ولكن لا مصر ولا تونس ولا سوريا ولا اليمن و لا البحرين أقدموا على الخطوة، في حين قلت أن الحكام أنفسهم في السعودية و المغرب الجزائر مؤهلون لذلك وقادرون على تولي مهمة إحداث التغييرات الضرورية وقيادتها. واعتقد فيما يخص الجزائر والمغرب تحديدا أن هذا كان ممكنا، فبعد خطاب الملك وخطاب الرئيس الجزائري وجملة الإصلاحات التي أشرف عليها عبد القادر بن صالح وهذه بداية في الحقيقة.
..وهذا ينبئ بأن النظام في الجزائر والمغرب مدركان أن التغيير ضروري ولا مفر منه.. إن شاء الله أن يوفقا في ذلك ونوفر على أنفسنا العناء. فالمئات سقطوا في مصر وتونس إضافة إلى الخسارة الاقتصادية. وعليه أتمنى أن توفر هذه الدول التي تعيش الثورة على غرار اليمن وسوريا على نفسها الخسائر في الأرواح والاقتصاد.
ما تعليقكم على الأداء الدبلوماسي الجزائري وطريقة تعاطي النظام الجزائري مع المجلس الانتقالي؟ وكيف تتصورون العلاقات الجزائرية الليبية مستقبلا؟
العلاقات الجزائرية الليبية لا يمكن أن تكون إلا أخوية وقوية وإن كان قد حصل بعض سوء التفاهم أو بعض الخلاف في تحليل الوضع.. هذه بلدان بحاجة إلى بعضها البعض وأنا اعترف وأكرر أن علينا دينا نحو الشعب الليبي. فلم يساعدنا شعب مثلما ساعدنا الليبيون رغم فقرهم في الخمسينات، فقد فتحوا لنا بيوتهم ودعمونا بما استطاعوا، علينا دين وحان الوقت لنرد هذا الدين.
ما هي قراءتك للعلاقات الجزائرية المغربية في ظل المتغيرات الإقليمية؟
- لا أتكلم عن الممارسة اليومية، لأنني لست طرفا فيها. اعتبر خطاب بوتفليقة في المسألة ايجابي وتفاءلوا بالخير تجدوه. أنا حزين جدا للوضع بين البلدين الشقيقين. ولكن السؤال: من المسؤول؟ إخواننا المغاربة هم من بدأ، وطلبوا غلق الحدود وهذه كانت غلطة حقيقية. الآن لا فكرة لدي حول من يؤخر فتح الحدود. فالضحايا هم الناس الطيبون، أما "البزناسية" فهم المستفيد الأول من الوضع. من الأحسن أن تفتح الحدود ونساعد سكان المناطق الحدودية.
ما رأيكم في جملة الإصلاحات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في خطاب افريل الماضي، وما هو رأيكم في مسار تجسيدها على أرض الواقع؟
- لا اعرف التفاصيل كلها، لأني كنت غائبا يوم القاء رئيس الجمهورية للخطاب، ولكني قرأته بتمعن عندما نشر في الصحافة، ورأيت فيه كل الإجراءات الضرورية والتي يجب أن تحدث. اليوم الأهم هو التطبيق، لأن تطبيق الإصلاحات ليس مسؤولية الحكومة وحدها، لأن ثقافة "الاتكالية" كرست بطريقة جعلتنا نحس أننا أخطأنا منذ البداية. فالجميع يلقي المسؤولية على الحكومة وحدها، في حين أن الجميع يتحمل ويتقاسم المسؤولية من الوالي إلى رئيس البلدية إلى مختلف العلاقات العائلية والاجتماعية.
في تحليل لخطاب الرئيس بوتفليقة نجد انه يعترف بأن هناك مطالب شعبية كثيرة لها ما يبررها، وأعطى بعض الخطوط العريضة للحلول التي من شأنها التجاوب مع المطالب الشعبية. رأيت في ذلك ما يبشر بالخير، والآن المسؤولية مثلما قلت هي مسؤولية الوزير والوالي ورئيس البلدية والمواطن.
كيف ترون العلاقات العربية مع دول الجوار في ظل بروز قوى إقليمية أخرى مثل إيران تركيا وإسرائيل؟
- من دلائل الضعف العربي على المستوى القطري والجماعي أن القوى البارزة في المنطقة لا توجد من بينها دولة عربية. في الحقيقة أتمنى أن يكون هناك تعامل بناء بين العالم العربي وتركيا يفيد العالم العربي ويفيد تركيا، أما بالنسبة لإيران فالتوتر الموجود بينهم وبين جيرانهم في الخليج لا يخدم مصلحة إيران ولا مصلحة الخليج، وأتمنى أن يصير فيه تقارب وتفاهم بينهم.. العالم العربي حتى لوكان في أحسن ظروفه لا يمكن أن يعيش وحده ودول الجوار مهمة بالنسبة لنا، يجب أن تكون علاقتنا بها طيبة وبناءة ونعمل معها أشياء كثيرة وايجابية ..
أما في موضوع إسرائيل فالأمريكان في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد هو من جعل إسرائيل جزءا من العالم العربي، وفي الوقت الحاضر هذا غير وارد والموضوع الآن في يد إسرائيل وفي يد أمريكا، وإذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءا من العالم العربي يجب أن يغيروا سياسيتهم تجاه العالم العربي ويسمحوا بقيام دولة فلسطينية حتى يمكن تنفيذ قرار القمة العربية وخلق علاقات طبيعية مع دول الجوار، لكن الآن سياسية الاستيطان التي تنتهجها إسرائيل لا توصلها لأن تكون دولة مقبولة في المنطقة.
في هذه الظروف، هل تتوقعون أن يكون للجامعة العربية دور فاعل في إعادة ترتيب علاقات العرب بجيرانها وبين دولها حتى؟
قوة الجامعة العربية هي قبل كل شيء دولها وليس شيئا آخر والمؤسف أن هذه المنظمة أنجزت القليل جدا.. هي أول منظمة أسست، فتفعيلها اليوم يتوقف على الدول الأعضاء فيها "هل نحن نشتغل من أجل الوحدة أو من أجل تعزيز الاستقلال"؟ للأسف اليوم لم نفعل لا هذا ولا ذاك، لهذا سبق وأن اقترحت عليهم وقلت أتمنى أن نشق ونمزق كل الاتفاقيات التي وقعناها لأننا لم ننفذ شيئا منها ونبدأ من جديد بالأشياء التي نستطيع تنفيذها، ولا نتخذ قرارا جديدا إلا بعد ما ننفذ القرارات التي يتم اتخاذها أولا كبيرة كانت أو صغير في إدراج الجامعة العربية.. مثلا مشروع شركة طيران وسكة حديد من المحيط إلى الخليج وشركة ملاحة عربية واتفاقات تبادل تجاري ومدارس مشتركة السفر من غير تأشيرة، لكننا لم ننفذ منها شيئا، فالإنجاز العربي محدود جدا وهذا ليس قدرا وأمامنا تجربة الصين والهند وكوريا التي كانت تبعث عمال إلى الخليج، وكان اجر الفرد فيها في السبعينات أقل من النصف أو ثلث ما يتقاضاه الفرد في الجزائر، كان هذا قبل 30 سنة، وما عملته الصين و كوريا في ثلاثين سنة بدون موارد وحتى بدون العمق الثقافي الذي نملكه نحن كان بإمكاننا أن ننجزه خلال 15سنة، غير أن الانتقاد الشديد لما هو موجود لا يعني أن هذا قدرنا أو أننا نستسلم ونقبل بالأمر الواقع مازال هناك أمل وما يزال في مقدرونا فعل الكثير.
تعرضت الجزائر مؤخرا لحملة إعلامية سعت لزعزعة استقرارها، هل تظنون أن قرار فتح مجال السمعي البصري جاء في وقته؟
-في هذا الموضوع انتقدت حال الإعلام في الجزائر وغياب آليات الاتصال الضروري لشرح المواقف وتبليغها.
بالنسبة للقرارات الأخيرة والتي من ضمنها فتح قطاع السمعي البصري للخواص وإنشاء محطات إذاعة وتلفزيون، هل هذا كاف في ظل واقع الصحافة المكتوبة ؟
اسمحوا لي أن ألوم الصحافة في الجزائر على اختلاف عناوينها على ظلمها لعلي التريكي. التقيته وتكلمنا وحدثني بما لحقه من أذى، فالرجل ترك ليبيا منذ بداية الأحداث ولم أفهم العلاقة بين الموقف الجزائري وقصة الأموال التي أشيع بانه قدمها رشوة مقابل استقبال عائلة القذافي بالجزائر. وعليه إذا كان دخول فضائيات جديدة للساحة الإعلامية سيكون من نفس أداء الصحافة، فهذا أمر آخر.
صنعت مذكرات الطاهر زبيري الحدث، متى سنقرأ مذكرات الأخضر الإبراهيمي؟
في الوقت الحالي لا أظن ولو أني أتمنى ذلك. يجب أن تتوفر الرغبة أولا والمقدرة ثانيا، وأقول إن شاء الله يتحقق الاثنان معا. ظاهرة كتابة المذكرات وخاصة بالنسبة للأسرة الثورية هي ظاهرة صحية جدا كتبت في وقت ما بعض الأمور، ولكن لم أكتب بعد مذكرات مفصلة.