أظهرت دراسة طبية أن أعراض الاكتئاب الشديد التي لم تنفع معها وسائل العلاج التقليدية بالأدوية أو غيرها, يمكن تخفيفها عن طريق التنبيه الكهربي لمنطقة في عمق الدماغ.
وأشارت مجلة "نيورون" الأميركية إلى دراسة يقوم بها باحثون أميركيون من كلية طب جامعة إيموري لمعرفة أثر التنبيه الكهربي المحدود لمنطقة "subgenual cingulate" في عمق الدماغ على حالات الاكتئاب المقاوم للعلاجات التقليدية. وكانت دراسات سابقة لنفس الفريق قد أشارت إلى العلاقة بين النشاط الزائد لهذه المنطقة وحالات الاكتئاب المستعصي.
وأجريت الدراسة على ستة أفراد يعانون من اكتئاب حاد وفق مقياس هاملتون لتقييم مستوى الاكتئاب، حيث لم تتحسن حالة أي منهم استجابة للعقاقير أو العلاج النفسي أو الجلسات الكهربية.
وفي الدراسة التي استمرت ستة أشهر تم "زرع" أقطاب كهربية في أدمغة المرضى التي مرر من خلالها تيار كهربي محدد بدقة إلى منطقة "subgenual cingulate" في عمق الدماغ. وأشار الباحثون إلى أن كل المرضى شعروا بتحسن فوري في المزاج وفي الإبصار فور حدوث التنبيه الكهربي لأول مرة لتلك المنطقة، قبل أن يتوقف هذا التحسن نتيجة وقف التنبيه أو عودته مع عودة التجربة.
ومع استمرار تطبيق هذه الطريقة خلال فترة الدراسة، ومع التصاعد التدريجي لأوقات الحفز الكهربي لتلك المنطقة من الدماغ من ساعة إلى ثلاث ساعات، سجل المرضى شعورا أطول بالهدوء استمر لما بعد التعرض للتنبيه الكهربي.
كما قال المرضى وعائلاتهم إن أعراض الاكتئاب أخذت تتراجع بصورة ملحوظة خلال الأسابيع الأولى من العلاج، حيث عاود المرضى الاهتمام بالنشاطات العائلية والاجتماعية التي كانوا قد زهدوا فيها بالكامل من قبل.
وبنهاية الأشهر الستة استمرت الآثار الإيجابية للعلاج بالتنبيه الكهربي لأربعة أفراد من بين الستة الذين أجريت عليهم الدراسة. وكان ثلاثة منهم قد شفوا تماما من الاكتئاب أو قاربوا على ذلك. وكان تحليل نشاط المخ عن طريق التصوير بانبعاثات البوزيترون قد كشف أن التنبيه الكهربي لتلك المنطقة العميقة من الدماغ أدى إلى ضبط وتصحيح النشاط الزائد فيها.
ورغم كون هذه الدراسة محدودة في المدة وفي عدد الأفراد الذين شملتهم كما ذكر الباحثون، إلا أنها تمثل أسلوبا فعالا ومبتكرا لعلاج حالات الاكتئاب بالغ الحدة.
ولم تُسجل أي أعراض جانبية لذلك الأسلوب العلاجي سوى بعض العدوى في أماكن زرع الأقطاب الكهربية، ولكن تمت معالجة ذلك بالمضادات الحيوية. كما بينت الاختبارات النفسية أن ذلك الأسلوب لم يؤثر سلبا على الوظائف الإدراكية في المرضى، بل ولاحظ الباحثون تحسنا في التوافق البصري العضلي لدى المرضى، إضافة إلى تحسن في القدرات اللغوية وفي القدرة على تقييم المخاطرة.