الغش يطال الضرائب
تصوير: (ح.م)
سعر المواد الأولية المصرّح به يفوق 100 مرة لما تصرح به شركات منافسةشرعت
المديرية العامة للجمارك بالعاصمة، في تحقيقات معمقة في حسابات الاستيراد
التي قدمتها مخابر "سانوفي افنتيس" الفرنسية للسنوات الثلاثة الأخيرة، بطلب
من المديرية العامة للضرائب التابعة لوزارة المالية، التي توّصلت إلى أن
الأرقام التي قدمت إلى إدارة الضرائب لا تتناسب مع رقم الأعمال المعلن وحجم
الفوائد السنوية التي يتم تحويلها إلى الخارج من قبل الشركة التي تعتبر
أول مستورد للأدوية في الجزائر. وتحقق إدارة الجمارك في حالات تضخيم فواتير من قبل شركة الأدوية
الفرنسية والتلاعب في الحسابات السنوية التي قدمت إلى مديرية الشركات
الكبرى التابعة للمديرية العامة للضرائب، والمكلفة قانونا بمراقبة ضرائب
الشركات الجزائرية والأجنبية العاملة بالجزائر، والتي يتم على أساسها تحديد
قيمة المستحقات الجبائية السنوية، ومستوى الفوائد القابلة للتحويل إلى
الخارج مع مراعاة القواعد والشروط والتسهيلات التي تمنحها الحكومة
الجزائرية لمختلف الشركات الأجنبية في إطار قواعد الاستثمار والتسهيلات
التي تمنحها الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار .
وتحقق وزارة المالية عبر كل من إدارتي الجمارك والضرائب في عمليات
تضخيم الفواتير الخاصة بواردات سانوفي افنتيس الخاصة بالمواد الأولية،
خاصة على الفترة الممتدة بين 2009 و2011 التي عرفت تعديل السعر المرجعي
لقائمة الأدوية القابلة للتعويض من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وعرفت أيضا مراجعة الشروط المتعلقة باستيراد المنتجات المصنعة من الأدوية والشروط الخاصة المتعلقة بالاستثمار في حقل تصنيع الأدوية.
وتشير المعطيات التي تحصلت عليها "الشروق"، من المديرية العامة
للضرائب، أن المخبر الفرنسي، يكون قد قام بتحويل فوائد مبالغ فيها إلى
الشركة الأم بفرنسا "سانوفي وينتروب أنديستري فرنسا"، نتيجة التلاعب في
القيمة الحقيقية للمواد الأولية المستوردة والمستعملة كمدخلات لتصنيع بعض
الأصناف الدوائية البسيطة بوحداته الإنتاجية بالعاصمة، وهذا بعد إجراء
مقارنة دقيقة لأسعار نفس المواد الأولية التي استوردها متعاملون آخرون من
القطاع العام والخاص خلال نفس الفترة، مما بيّن وجود فوارق خيالية بين سعر
الكيلوغرام من نفس المادة وبين ما يتم التصريح به لبنك الجزائر، وهو الفارق
الذي وصل على بعض المواد إلى أزيد من 100 مرة، وهي الحيلة المستعملة من
قبل الكثير من المخابر الأجنبية العاملة بالجزائر لتغطية التحويلات التي
تقوم بها إلى الخارج تحت حجة استيراد مدخلات أو مواد أولية.
وكشف
مصدر رفيع بوزارة الصحة في تصريح لـ"الشروق"، أن جمال ولد عباس أبلغ
الوزير الأول أحمد أويحيى رسميا قبل أسابيع بقائمة رسمية لأسعار المواد
الأولية للعديد من الأدوية التي تنتجها مخابر أجنبية بالجزائر، مضيفا أن
الفارق في أسعار المواد الأولية وأسعار بعض الأدوية المستوردة مثير للدهشة،
حيث تراوح مابين 30 و100 مرة بالنسبة لبعض المواد بعينها، مبرزا أن سعر
الكيلوغرام من المادة الفعالة لإنتاج دواء لعلاج السكري من النوع الثاني تم
تضخيمه بحوالي 30 مرة بالمقارنة مع سعره الحقيقي، سواء عند الشركة الأم
بفرنسا أو شركاتها الفرعية في أوروبا.