لست أدري من هو ذلك (الفصيح) الذي أشار على جهاز المخابرات في الخليل أن يلجأ لشكل مستحدث من أشكال التهديد والابتزاز الموجهة لي فيستدعي والد زوجي للاستجواب، ويحمّله رسائل لي لا تخلو من التهديد والتلويح بما يمكن أن أخسره في حال قررت أن أظل ماضية في كتاباتي ضدهم كما يقولون، ابتداء من إمكانية اتخاذ إجراءات ضدي مباشرة وغير مباشرة، أو مضايقة المقربين مني كزوجي وابني (الذي لم يتجاوز عمره 14 عاما) وحرمانهم وإياي من السفر والحصول على المعاملات المختلفة!
لم يقصّر جهاز المخابرات وهو يستجوب والد زوجي في التأكيد له على أن ما أكتبه مجرد أكاذيب، وأنني عامل توتير داخلي، خصوصاً في ظل أجواء المصالحة المدّعاة واقتراب زيارة عباس لغزة، كما لم يتورعوا عن الادعاء بأنني كدت أن أتسبب بمشكلة ميدانية كبيرة يوم 15 آذار بسبب مشاركتي في التظاهرة المطالبة بوقف التنسيق الأمني والإفراج عن المعتقلين السياسيين، رغم أنني لم أكن الداعية لتلك التظاهرة بل شاركت فيها بعد قراءتي الإعلان عنها على الإنترنت.
والد زوجي من جهته أكد لهم أنه لا سلطة له عليّ، وأنه وهو المقيم قرب المسجد الإبراهيمي، (أي في الشطر الآخر من الخليل)، لا يتابع السياسة ولا ما يجري في الميدان، لكن أشاوس المخابرات ظلوا مصرّين على تحميله رسائل الترهيب والترغيب لإيصالها لي، ربما ظنّاً منهم أن طابع الخليل العشائري يتيح لكبير العائلة أن يكون أداة ضغط على أي من أبنائها أو (بناتها)، وأن العرف الخليلي الذي يعدّ المرأة شيئاً مقدساً وغير قابل للمساس يمكن أن يُجيّر لصالح المنطق المخابراتي السقيم!
الرسالة الأطرف كانت الإيحاء بأن أخلاق جهاز المخابرات تمنعه حتى الآن من إعادة اعتقال زوجي مجدداً كما فعلوا في أيار من العام الفائت، من باب أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، وأنهم كذلك ما زالوا يضبطون أنفسهم في التعامل معي، ويبدو أن عليّ أن أقدم رسالة شكر كبيرة للجهاز لأنه ما زال يترفّق بي ويغضّ طرفه عن كتاباتي ويحجم عن إعادة اعتقال زوجي نيابة عنّي، ولأنه قد يكتفي فقط بالإساءة غير المباشرة لي وللمحيطين بي كالحرمان من الحصول على المعاملات الرسمية وجوازات السفر ونحو ذلك، بل يبدو أنني أمام هذا الكرم المخابراتي عليّ أن أقبل عرضهم السخي بالعمل معهم في منصب إعلامي إن كنت أسعى للحصول على منصب من خلال كتاباتي!!
أنا أعذر مخابرات فتح في الحقيقة، لأنها لا تؤمن بإمكانية وجود أناس أحرار مترفعين عن كل الاعتبارات الدنيوية والمصلحية، كونها لا تستوعب كيف أنه ما زال هناك من يشبّ عن طوق قمعها (الذكي) والمبرمج الذي هيمن على النفوس والعقول في الضفة، وأشاع ثقافة الخوف والجري خلف اعتبارات السلامة الشخصية وحسب.
وبما أن جهاز المخابرات أراد لوالد زوجي أن يوصل لي رسالتهم، فسأرد عليهم بدوري، وأرجو أن يفهموا رسالتي هذه المرة إلى الأبد، فأقول لهم: إياكم أن تظنوا أن لي ذراعاً مؤلمة يمكن إمساكي منها، وإياكم أن تحسبوا أن أي شكل من أشكال المساس بالمقربين مني صغر أم كبر سيفلح في ثنيي عن أداء رسالتي التي أؤمن بها، بل إن مثل هذه المواقف لن تساهم سوى في مضاعفة قناعتي بأنكم على باطل، وأن الكلمة الحرة تثقل أسماعكم وتقلق راحتكم إلى أبعد الحدود!
خر ما تفتقت عنه (عبقرية) مخابرات فتح!