مغيبة هي نداءاتك يا مدينة الشهداء عن كل العرب الراقدين تحت أرتال صمتهم المهين
مغيب جرحك المفتوح عن إعلامهم بكل مسمياته ... يتركون لشهداءك مساحة صغيرة في حاشية وقتهم المكدس بأولويات المرحلة .. و تظلين وحيدة مسكونة بالحزن و لون الدم اليومي
ستون ألف فلسطيني كانوا قد خرجوا لوداع شهداء المجزرة الاثمة التي ربما لم تسمع بها العواصم الغارقة في لهوها
ستون ألفا ..يحملون الأكفان ..يهتفون بصوت واحد (لا لوقف إطلاق النار) ..يطلقون التكبيرات في عنان السماء لعلّ صداها يصل آذان أبناء العشيرة و العروبة
و بعد يوم طويل يعود المشيعون إلى بيوتهم ليستعدوا لجنازة اليوم التالي .. و تتساءل العيون بصمت: ترى من سيكون شهيد الغد؟
هذا هو حال مدينة الانبياء هذه الأيام، لا شيء غير الدم و الأشلاء والقذائف التي تخترق الأجساد و المنازل في كل مكان ، لا شيء غير جنازات تعبر الشوارع التي لم تصلها بعد المجنزرات الصهيونية في زحفها الدائم مستغلة صمت العرب و انشغال العالم و تخاذل سلطة الذل و التفريط
لم يعد لدينا مكان للكلام ، لأن الفاجعة أكبر من أن تعبر عنها الكلمات و تحيط بها السطور ،لا يدرك حقيقتها إلا من قدر له أن يسير في أحد شوارع المدينة لتفاجأه رصاصة من العيار الثقيل تأتيه من حيث لا يدري
لكن يظل هناك سؤال يحتاج إلى إجابة يتردد على ألسنة الذين طردوا من منازلهم أو شردتهم شظايا القذائف ..
ترى ما هي (الحكمة) من أن تبتسم لعدوك حين تفجر رصاصته رأسك و تنحني له من أجل المزيد ؟؟
ربما يملك( رموزنا) الأذكياء إجابة طويلة مفصلة مشفوعة بالأدلة و البراهين التي لا يدرك مغزاها الناس البسطاء ؟!!