ضغوط الحياة، وتقدُّم السن، والمشكلات الأسرية، والقلق.. هي جميعاً عوامل قد تصيب الإنسان باضطرابات عقلية إذا كانت حادة ومفرطة ومتواصلة، وقد تزايدت معدّلات إصابة الإنسان بالاضطرابات العقلية في الآونة الأخيرة؛ نظراً لتسارع وتيرة حياة الإنسان في العصر الحالي، وهي جميعاً اضطرابات قد تكون مقبولة وواضحة الأسباب.
ولكن عادة ما يُصاب البشر باضطرابات عقلية ذات طبيعة غريبة، وقد تكون أيضاً مجهولة الأسباب، وهو ما يُضفي عليها قدرا كبيرا مِن الغموض. وإليكم أغرب 10 اضطرابات عقلية يُمكن أن تصيب الإنسان؛
1- متلازمة ستوكهولم (Stockholm Syndrome)
متلازمة ستوكهولم ليست إلا استجابة نفسية تُبديها في بعض
الأحيان الرهائن أو الأشخاص المختطفين؛ حيث يُمكن أن تُبدي
الرهينة بعض علامات التعاطف، أو الإخلاص، أو حتى الإذعان
التام بكامل الإرادة للمجرم أو المسئول عن الخطف، بغض النظر
عن الخطر المحدق بالرهينة نتيجة هذا التعاطف أو الخضوع.
وقد تحدّث العلماء إلى وجود المتلازمة في حالات أخرى في الحياة
بعيداً عن الخطف؛ حيث حضرت المتلازمة -المرتبطة بمفهوم
الخضوع طواعية من قِبل الضحية لجلادها- في حالات لضرب
الزوجات والاغتصاب والتعدّي على الأطفال.
ولكن ما سر تسمية المتلازمة بهذا الاسم؟ جاءت تسمية المتلازمة
بهذا الاسم نتيجة لحادثة سطو مسلح على بنك في العاصمة
السويدية (ستوكهولم)، واستطاع المجرمون الاحتفاظ بموظفي البنك
كرهائن لمدة 6 أيام (من 23 وحتى 28 أغسطس 1973)،
وخلال هذه المدة ارتبط الرهائن بعلاقة حُب وتعاطف مع الخاطفين،
والمثير أنه بعد تحريرهم رفضوا الشهادة على الخاطفين أثناء
المحاكمة، ولكن في النهاية أُدينت العصابة وحُكم عليها بالسجن،
والمثير أن أحد أفراد العصابة تزوّج من امرأة كان يحتجزها ضمن
الرهائن بعد أن خرج من السجن.
وهناك أيضاً مثال آخر بارز على متلازمة ستوكهولم، وهي قصة
باتي هيرست -ابنة أحد الأثرياء- التي تمّ اختطافها في عام
1974 على يد عصابة، ومع الوقت نشأت علاقة تعاطف بين باتي
وخاطفيها، لدرجة أنها شاركت معهم بعد ذلك في إحدى عمليات
السرقة التي قاموا بها.
2- متلازمة ليما (Lima Syndrome)
هي على العكس تماماً مِن متلازمة ستوكهولم؛ فوفقاً لهذا
الاضطراب العقلي يتعاطف الخاطف أو المجرم مع حاجات ومصائب
الرهائن الذين يحتجزهم.
تسمية المتلازمة بهذا الاسم، جاءت بعد حادثة احتجاز رهائن في
السفارة اليابانية في العاصمة البيروفية "ليما"؛ حيث قامت حركة MRTA
الثورية المسلّحة باحتجاز مئات الأشخاص كرهائن كانوا يحضرون
حفلاً في المقر الرئيسي لسفير اليابان في بيرو، وكان مِن بين
الرهائن دبلوماسيون ومسئولون حكوميون وعسكريون ومدراء
تنفيذيون لشركات كبرى من عدة جنسيات، واستمرّت عملية
الاحتجاز من 17 ديسمبر 1996 وحتى 22 إبريل 1997،
والمثير أنه بعد بضعة أيام على العملية قام الخاطفون بإطلاق سراح
معظم الرهائن بدون النظر إلى أهمية كل فرد من الأفراد المحتجزين،
وما يمكن أن يمثّله كورقة ضغط أثناء التفاوض، وكان مِن بينهم
الشخص الذي تولّى رئاسة بيرو بعد ذلك، وأيضاً والدة الرئيس
البيروفي وقتها.
وبعد أشهر كاملة من مفاوضات غير ناجحة، تمّ تحرير جميع
الرهائن بعد أن قامت القوات الخاصة البيروفية بعملية خاصة
لتحريرهم، ولم يُقتل سوى شخص واحد في هذه العملية الخاصة.
3- متلازمة ديوجين (Diogenes Syndrome)
ديوجين هو فيلسوف إغريقي، اعتاد العيش في برميل نبيذ، واشْتُهر
باعتناقه ودعوته لمبادئ خاصة بالمذهبين الفلسفيين العدمية
والحيوانية، كما اشْتُهر بحكايته الطريفة مع "الإسكندر الأكبر"؛
حيث يقال إنه بينما كان ديوجين يستريح في ضوء الشمس أثناء
أحد الاحتفالات، أتاه الإسكندر الأكبر متحمّساً للقائه، وسأله إن كان
باستطاعته أن يقدّم له أي خدمة، فردّ عليه ديوجين، قائلاً: "نعم..
ابتعد فأنت تحجب عني ضوء الشمس"، ورغم الإحراج قال
الإسكندر: "لو لم أكن الإسكندر.. لوددت أن أكون ديوجين!".
ارتباط المتلازمة باسم ديوجين مرتبط بمفهوم الإهمال الحاد للذات،
والميل للعزلة بشكل متطرّف، كما أنه مصاحب لرغبة عارمة في
الامتلاك وغالباً ما تكون للحيوانات، كبار السن هم الأكثر عرضة
للإصابة بالمتلازمة، والتي تكون في العادة مصحوبة بانهيار جسدي
أو عصبي أو عقلي مرتبط بالخرف.
وفي حقيقة الأمر أن مَن قام بتسمية المتلازمة وقع في خطأ متعلّق
بالاسم وربطه بالفيلسوف ديوجين الذي مِن المؤكّد أنه كان يعيش