القتال في المناطق المشجرة
يعتبرالقتال في المناطق المشجرة من العمليات الصعبة بالنسبة إلى جميع المقاتلين. فهي تثير مشكلات شديدة من حيث تأمين القيادة والمراقبة وتفرض على المقاتلين أعلى درجات التدريب والشجاعة، كما تتطلب قدراً كبيراً من حسن المبادرة من جانب المقاتل الفرد.
وتأخذ المناطق المشجرة أهميتها لما تؤمنه من حماية من النظر والنيران ولما توفره من قواعد لإنطلاق الكمائن والعمليات التخريبية... وقد تكون بمثابة نقاط استطلاع وحركة مستورة ومموهة، وقد تتوفر فيها الأماكن المناسبة للإنزال الجوي، وهناك أيضاً طرق المواصلات التي تمر خلالها حيث أن نظام تموين الجيش وإمداداته يتوقف على هذه المواصلات ففي الأراضي السهلية قد تنتشر البساتين والغابات حول الطرق الرئيسية والفرعية وحينما تكون ساحة القتال أرضاً جبلية قد تكون المناطق المشجرة على السفوح المطلة على الوادي الذي تمر به حركة المواصلات. هذا يعني أن مثل هذه المناطق لا بد من إقتحامها بأسرع ما يمكن بالهجوم أو يدافع عنها أطول مدة ممكنة لعرقلة تقدم العدو...
أنواع المناطق المشجرة:
يمكن أن نقسم الأراضي الزراعية إلى ثلاثة أنواع رئيسية من حيث نوع المزروعات:
الأراضي الزراعية الموسمية وهي التي تعتمد على موسم الأمطار (القمح - الشعير..).
الأراضي الزراعية التي تعتمد على الري وتتم زراعتها طوال العام.
البساتين والغابات وهي الت تنتشر فيها أشجار الحمضيات والفاكهة والأشجار ذات السيقان الضخمة.
ويمكن تقسيمها حسب طريقة تنظيم المزروعات فيها إلى قسمين:
• مناطق مزروعة بشكل منتظم: حيث تكون المسافة بين الشجرة والأخرى محددة، وتكون صفوف الأشجار إما متوازية أو متداخلة. ويكون نوع المزروعات واحد (زيتون، موز..) أو متجانس (حامض + ليمون + أفندي..).
مناطق مزروعة بشكل غير منتظم: حيث تكون المسافة بين الشجرة والأخرى غير محددة (متقاربة أو متباعدة). وقد يكون نوع المزروعات واحد أو متجانس أو تكون مختلفة.
مميزات القتال في المناطق المشجرة:
• مميزات عامة:
1. حقول مراقبة أرضية محدودة جداً يختلف ضيقها واتساعها بالنسبة لكثافة الأشجار وتنظيمها.
2. مفاجأة العدو لنا على مسافات قصيرة. كما يمكن للعدو زرع عبوات وأفخاخ يصعب كشفها. لذا يفضل الدخول إلى هذه المناطق نهاراً وليس ليلاً.
3. عدم فعالية المراقبة الجوية.
4. عرقلة الحركة بسبب الحواجز التي تعترض التقدم وصعوبة الأستشراق.
5. صعوبة الاتصال بين الجنود لضيق حقول الرؤيا.
6. تزايد الخطورة مع زيادة التوغل داخل هذا النوع من الأراضي.
ملاحظة: بسهولة المسالك والممرات تكمن الخطورة.
• مميزات خاصة:
1. الغابات:
صعوبة تحديد الأهداف.
صعوبة تحديد المكان (نقطة الوقف).
صعوبة التمشيط.
صعوبة المساندة والتطويق.
صعوبة السيطرة.
2. كروم العنب:
سهولة المراقبة والمساندة.
سهولة الحركة
سهولة التمشيط حسب ترتيب الدوالي.
3. بستان منتظم:
صعوبة المراقبة لمسافات طويلة
سهولة الحركة.
سهولة التمشيط.
4. بستان غير منتظم:
صعوبة المراقبة والمساندة.
صعوبة الحركة.
صعوبة التمشيط.
صعوبة السيطرة.
تأثير المناطق المشجرة على عمل القوات:
• من الناحية التكتيكية:
1. أهمية المشاة على الآليات لصعوبة تحرك الآليات في مثل هذه المناطق، كما أن الإشتباك يكون من مسافات قصيرة.
2. صعوبة التمشيط خلال فترة الليل لعدة أسباب:
صعوبة السيطرة.
صعوبة الإنارة.
صعوبة رؤية الأهداف.
لذلك من المفضل مراقبة المنطقة بعد إضائتها ومن ثم الإلتفاف حولها أو الإنتظار حتى الفجر للدخول إليها.
3. هناك صعوبة في تشغيل المدفعية في انتقال القوات من نقطة إلى نقطة وبالتنسيق بين القوات والوصول إلى النقاط المحددة.
4. هناك صعوب في عمل الطائرات المروحية (إنزال قوات أو سحب جرحى) لذا من الممكن انزالها في أطراف المنطقة المشجرة أو ابقائها في الهواء واستعمال السلالم أو الحبال لإنزال القوات أو رفع الجرحى. كما أن هناك صعوبة في تمشيط المنطقة المشجرة من قبل الطائرة المروحية.
• استعمال الأسلحة:
1. الإسناد المدفعي: هي الأفضل حيث يمكن تمشيط المنطقة قبل الدخول إليها ولكن من الصعب إعطاء أي هدف جديد. ويفضل استعمال القذاف المنفجرة على علو من الأرض.
2. الأسلحة المضاد للدبابات: هناك صعوبة كبيرة في استعمال هذا السلاح ولكن من الممكن استعماله قبل الدخول إلى المنطقة.
3. الأسلحة الرشاشة (ماغ): مهم جداً لقوات المساندة من خارج المنطقة كما يمكن استعماله داخلها من قبل قوة الحماية والتمشيط.
4. السلاح الفردي: هو الأفضل والأسهل للحركة والتشغيل السريع.
5. القنابل اليدوية: خطرة لقصر المسافات، وصعوبة إيجاد الملاجئ للإحتماء من شظاياها، ومن الممكن أن تسقط بالقرب من القوات الصديقة أو ترتد إلى الرامي بسبب العوائق. لذلك تستعمل عند الحاجة وعلى أمر القائد.
6. القنابل الدخانية: يجب التذكير أن الدخان بطيء الانتشار ويدوم لمدة أطول في المناطق المشجرة.
7. القنابل المضيئة: يفضل استعمال القنابل المضيئة الثقيلة (الطائرات – 155ملم) لأن هذا النوع من القنابل يقلل من حجم الظل ويمكّن من الرؤية الجيدة بعكس القنابل الصغيرة.
عناصر الهجوم في المناطق المشجرة:
1. عنصر مساندة.
2. عنصر إحاطة وتطويق بقعة القتل (حماية ).
3. عنصر إقتحام وتمشيط.
4. عنصر إحتياط.
1. عمل مجموعة المساندة: تنقسم إلى قسمين رئيسيين:
عنصر المراقبة.
عنصر التدمير.
• عمل مجموعة المراقبة: تعمل عناصر المراقبة على تأمين كل الأخبار والمعلومات التي يتوجب على القائد معرفتها عن المنطقة، حيث تقوم بجمع المعلومات المتعلقة بـالأرض (نوعية الأشجار – تنظيمها..) والعدو (نقاطه القوية - دشمه وتحصيناته – طرق الإقتراب – حقول الألغام وطبيعة الموانع المختلفة..).
ويتم الإستطلاع بالرصد، والتنصت، والتصوير، كما يتم الإستطلاع بالقوة. ويراعى إستمرار ومتابعة أعمال الإستطلاع خلال مراحل القتال المختلفة كما أنه يجب أن يتسم الإستطلاع بالدقة وسرعة نقل المعلومات إلى القيادة لتحليلها ودراستها واستخلاص النتائج منها.
• عمل مجموعة التدمير: عند الإشتباك تحاول مجموعة التدمير التأكد من المراكز المعادية المعتلمة من قبل عناصر الاستطلاع ووضعها تحت نار مجدية ومدمرة. بالإضافة إلى تخوم الغابة ومحيطها.
عند وصول مجموعة الإقتحام إلى مسافة قريبة من تخوم الغابة، ترفع المدفعية والرشاشات نيرانها المباشرة إلى داخل الغابة.
2. عمل مجموعات الإحاطة والقطع: مهمتها:
• قطع الطرقات المؤدية إلى منطقة الهجوم لمنع النجدات.
• تطويق منطقة القتال وتأمين حماية أجناب ومؤخرة القوات المهاجمة لمنع خروج أي قوة معادية من منطقة الهجوم والإلتفاف على المجموعات المهاجمة.
• تقوم ببعض الإقتحامات الوهمية وعمليات الخداع والإلهاء للفت نظر ونيران العدو عن محور الهجوم الأساسي.
3. عمل مجموعة الإقتحام: وهي القوة التي تقوم بعملية التفتيش والتطهير.
• مصادر الخطر في الغابة:
خلف الأشجار.
الكهوف والحفر الفردية.
القناصة المتمركزين في الأحجبة وأعالي الأشجار.
الأفخاخ والألغام.
• عزل الغابة: تقوم مجموعة المساندة بعزل الغابة وذلك بالرمي على مصادر الخطر فيها من الجهة المقابلة لجهة تقدم مجموعة الإقتحام لمنع العدو من الدخول إليها والخروج منها، وشل نيران العدو من داخل الغابة أو من التخوم وسائر النقاط الأخرى المحيطة بها لحماية عناصر الإقتحام. بعد ذلك تقوم مجموعة الإقتحام بأخذ موطئ قدم لها في الغابة من الجهة الأقل حماية من قبل العناصر المدافعة عنها (يفضل من الجبهة الأكثر اتساعاً لتقليل المسافة التي يجب أن تقطعها مجموعة الاقتحام وبالتالي تقليل الوقت والخطر).
• الاقتراب من الغابة: من المستحسن أن يكون خط التقرب نحو الغابة من أماكن مموهة ومغطاة حتى تتم عملية التقرب بمعزل عن نار ونظر العدو. أما إذا اضطرت المجموعة إلى التقرب من خلال منطقة مكشوفة نحو الغابة تتقرب إما بصمت مع مراقبة التخوم وأعالي الأشجار بإحتراس مع تشكيلة الصف، وإما بستار من الدخان، وإما بالقوة، مستخدمة مبدأ النار والحركة. (راجع استطلاع تخوم غابة في الكشاف الدوري)
• التفتيش والتطهير: يتم التقدم داخل الغابة بتشكيل النسق أو ترتيب الثول أو المثلث. مستخدمة مبدأ النار والحركة. وتقوم بعمليات التفتيش محاولة توجيه العدو إلى بقعة قتل متفق عليها مع مجموعات المساندة والقطع وحصره في هذه البقعة وتدميره.
في حال الاشتباك مع العدو تفتح النار على مصادر النيران فوراً، فإذا كان العدو على مسافة قريبة تقوم العناصر الصديقة المشتبكة بالتقدم والمباشر والإطباق، وإذا كان على مسافة بعيدة يتقدم قسم من العناصر المشتبكة نحو العدو بالنار والحركة وقسم يقوم بالإلتفاف على مجنبته أو المؤخرة.
عند الانتهاء من عملية التطهير والتفتيش والوصول إلى الطرف الآخر من الغابة تعطى إشارة إنتهاء عملية التطهير لأن كل عنصر يخرج قبل هذه الإشارة يعتبر عدواً و يكون عرضة لنيران عناصر المساندة والقطع.
ملاحظات:
• من المستحسن أن تتم عملية التطهير والتفتيش من أعلى إلى أسفل ذلك أن الحركة والرماية وقذف القنابل اليدوية يكون أسهل من أعلى إلى أسفل.
• يفضل أن تتم عملية التطهير والتفتيش من الجبهة الأكثر اتساعاً لتقليل المسافة التي يجب أن تقطعها مجموعة الاقتحام وبالتالي تقليل الوقت والخطر.
• يجب تطهير وتفتيش كامل الغابة بدقة وحذر وعدم ترك أماكن دون تفتيش.
• يجب وضع عناصر لمراقبة أعالي الأشجار.
• يجب التمشيط بطريقة متشابكة لكي لا نترك مناطق غير ممشطة.
• من المفضل فتح النار على الأماكن المشبوهة لكي نجبر العدو على الرد إذا كان متواجداً فيها.
• في التفتيش والتطهير الليلي يفضل تزويد العناصر بمصدر للضوء أو بمناظير ليلية.
• يجب الإنتباه إلى الأفخاخ و تجنبها.
• يجب الإنتباه عند قذف القنابل اليدوية إلى العوائق أوالحواجز (أغصان متشابكة...) وإلا يخشى من إرتداد القنبلة على راميها.
• يجب المحافظة على الاتصال والارتباط بالنظر بين جميع العناصر.
4. عمل مجموعة الإحتياط: تكون دائماً متأهبة للإعتبارات التالية :
• مطاردة قوة معادية فارة لم يتم القضاء عليها من قبل مجموعة الطوق وتم كشفها من قبل مجموعة المراقبة.
• إراحة مجموعة مرهقة قامت بهجوم فيستبدلها بمجموعة إحتياط بعملية التخطي .
• إستبدال مجموعة مثخنة بمجموعة جديدة .
• إستثمار النجاح في بقعة محددة لتسريع عملية تدمير العدو .
• مساعدة بعض المجموعات لسحب الغنائم وحمل الجرحى وإقتياد الأسرى كما يقع على عاتقها الوقوف عند أوامر القائد عندما يخطط لتغيير محاور العملية القتالية .
مراحل الهجوم في المناطق المشجرة:
1. دراسة الخطة ومستلزماتها البشرية والتسليحية والتنسيق بين القائد ومعاونيه .
2. الإنتقال إلى بقعة التجمع والتأكد من الأعداد المطلوبة لتنفيذ العملية. كما يتم مراقبة الأسلحة ووضع اللمسات الأخيرة على الخطة وتعديلها تعديلاً بسيطاً إذا كان ذلك ضرورياً.
3. القيام بعمليات الإستطلاع حسب طبيعة الأرض والمهمة وعدد العناصر والأجهزة المتاحة .
4. الإنتقال إلى خط الإنطلاق بالتشكيلات العسكرية الملائمة آخذين بعين الإعتبار الإشتباك والتملص والإلتفاف عند الضرورة وذلك من القتال أثناء الحركة .
5. إستطلاع سريع وخاطف لنقطة خط الإنطلاق التي ستعمل بها الوقاية .
6. نشر عناصر المساندة، ومجموعات الطوق ومجموعات الإحتياط بطريقة سرية.
7. إعادة التأكد من صلاحية محور التسلل بين خط الإنطلاق وخط الإطباق وذلك عبر الإستطلاع بالنظر من نقطة مراقبة في خط الإنطلاق أو دوريات راجلة خفيفة.
8. تقوم المساندة برماية مدفعية على التخوم والنقاط المشبوهة.
9. تسلل مجموعة الإقتحام إلى تخوم الغابة..
10. استطلاع التخوم ومسافة النظر داخل الغابة.
11. تفتيش وتطهير الغابة.
12. الإنسحاب إلى بقعة التجمع ثانية.