الجزء05الهستيري.. الخوف.. البكاء الشديد.. اضطراب النوم.. والاكتئاب هوس الجنود في الحروب.كل
الحروب بلا استثناء تدخل الهلع في النفس.. لكن هلع الجنود على أرض المعركة
من نوع آخر، حقيقي، تنهار معه الأعصاب من شدة الأهوال والضغط النفسي
الرهيب الذي يولد انفلاتاً لا يمكن التحكم فيه يطلق عليه خبراء علم النفس
العسكري "هوس ميادين القتال". وهو قد يكون مؤقتاً أو مزمناً بحسب الحالة.
وينجم عنه حالات انتحار أو إطلاق النار على الرفاق أو الهروب من أرض
المعركة أو الاستسلام بدون شروط وبدون وجود ظروف موضوعية تستدعي الاستسلام.
هذا
تحديداً ما فعله الجندي الأمريكي عضو الفرقة 101المحمولة جواً بالكويت،
الذي اعتبر زملاءه من الجنود الأمريكان في بداية حرب الصدمة والترويع
بمثابة أعداء، فألقى عليهم قنبلتين قتلت أحدهم وأصابت ما يقرب من 17آخرين
قبل أن يتم اعتقاله وإبعاده عن ميدان القتال، أي بإعادته مرة أخرى إلى
الولايات المتحدة الأمريكية.
فهل هذا مرض نفسي - عسكري؟بغض
النظر عن حادثة الجندي الأمريكي السابق الإشارة إليه والذي ألمح قادته إلى
أنه مسلم فتلك الظاهرة موجودة ويعرفها العسكريون جيداً.ويذكر الفريق سعد
الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المصرية إبان حرب أكتوبر المجيدة في
مذكراته التي احتواها مجلد ضخم: إنه مساء الخامس من أكتوبر عام 1973فوجئ
بأحد مساعديه يخبره بأن مجنداً يبكي بحرقة ويرفض الانضمام إلى زملائه في
عبور قناة السويس. هنا أمر الشاذلي بحنكة عسكرية بإرجاع الجندي إلى القاهرة
فوراً وكتمان الأمر تماماً حتى لا تؤثر هذه الحادثة على الروح المعنوية
لزملائه من الجنود. المسألة إذن سيكولوجية بحتة، وفيما يشبه الغريزة داخل
الإنسان الذي يخشى تلقائياً الموت ومخاطره.يقول الدكتور فكري عبد العزيز
خبير الطب النفسي: المسألة شائعة، خاصة مع نقص الإيمان بالله وعدم تنمية
الوازع الديني. واضاف انه لمس ذلك بنفسه اثناء حرب أكتوبر المجيدة حيث كان
كبير الأطباء العسكريين. وفي "الثغرة" ظهرت حالات هلع. وعندما توقف القتال
أثر التوصل إلى هدنة مع الإسرائيليين التزم الجانب المصري ولم يلتزم بها
اليهود. فكان الجنود المصريون يتعرضون للقصف من جانب واحد رغم قرار وقف
إطلاق النار. وهذا ولد شعوراً بالقهر
في صفوف الجنود العاجزين عن الرد..
وظهرت حالات فقدان للنطق والبصر والخوف والبكاء الشديد. ظهرت كذلك في هذا
الوقت حالات اضطرابات النوم وإصابات اكتئاب وكلها أمراض عصابية عالجنا
حالات كثيرة منها....
...يُتبع